الحرب معاناة يومية يدفع ثمنها المواطن السوري

 

تحقيق: بلال نور الدين – طالب كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية الدولية




 

 

 

دفعت الظروف الأمنية الحاج أبو محمد” مأمون العبدالله” أن ينزح من مدينة حلب الشهباء إلى ضواحي بيروت مع عائلته، في حين بقي الكثير من أقاربه وجيرانه هناك تحت القصف من دون أي خبر أو معلومة عن مصيرهم.

 

مأمون العبدالله في العقد الخامس يقول: “لم أتصور ابدا أن أصل إلى يوم أنزح فيه إلى دول الجوار، فبعد أن إستقبلنا اللبنانيين في بيوتنا عام 2006 جاء الدور عليهم اليوم كي يستقبلونا. بصراحة أنا لست مستوعبا لكل هذا الذي جرى لنا نحن السوريون”

 

أبو محمد يؤيد الثورة السورية ويرفض أن يعتبر ما يجري في بلاده مؤامرة.”نحن نؤيد الثوار على الأرض وندعم كل ما يقومون به. إن قوات النظام وشبيحته دمروا بيوتنا وكل ما نملك فقط لأننا عارضنا النظام وأفعاله ولأننا خرجنا في تظاهرات تطالب بإسقاطه”.

 

يبتسم أبو محمد دون أن يخفي الدمعة التي يحاول بقدر المستطاع أن يحبسها في عينه.”أنا وأفراد عائلتي السبعة نعيش في أصعب الظروف في لبنان.أولادي خارج المدارس وهم يعملون في بيع بعض السلع وزوجتي تعمل في المنازل ،وأنا اعمل في ما تيسر وبالكاد نستطيع تأمين لقمة العيش “.

 

تلمح الشحوب في وجه الكهل أبو محمد وفي صوته تلحظ التعب وهو يصر على ان سوريا من أجمل بلاد الله، وكل شيء فيها جميل. لكنه يؤكد بان النظام كان يمارس أبشع أشكال التعذيب والقهر الممنهج بحق شعبه. يعتقل كل من يعارضه ،وكل من يتفوه بكلمة لا تعجبه يختفي فورا ولا أحد يعرف عنه شيء.نظامنا من أشد الأنظمة ظلما في العالم”.

 

لا يخفي أبو محمد عذاب الحياة في لبنان مقارنة بالأمور الحياتية في سوريا التي كانت مؤمنة من ناحية المعيشية ” الكهرباء والماء والخبز الخ ، ولكنه لا يستطيع أن ينسى الفروقات الإجتماعية الشاسعة ما بين سكان المدن الذين كانوا في أغلبهم من المستفدين من النظام و أبناء القرى الذين كانوا بالكاد يتمتعون بأقل الحقوق. أبو محمد يشدد على ان “الإنسان كرامة ومن يفقد كرامته لا يعود إنسانا”. ويرتفع صوته الجهور المتعب باصرار على انه يكفينا كل ما جرى لنا، من العذاب والقهر الذي عشناه في مزرعة العائلة .

 

يؤكد ابو محمد كما باقي السورين بان على هذا النظام المستبد أن يرحل، لقد حكم لأكثر من اربعين عاما وهذا يكفي، نحن نريد أن نعيش بسلام وبكرامة في سوريا القادمة.

 

نريد ان ندخل و نخرج إلى منازلنا دون أن نخاف على أرواحنا وأرواح أولادنا من المخبر الذي اضحى كل واحد منا يشك بنفسه. لقد ذقنا الويلات من النظام الذي لا يميز بين رجل وإمرأة وبين طفل وكهل، لان همه الوحيد السيطرة والبقاء”.

 

يصمت ابو محمد ويتابع شرحه: “وبالرغم من الأمان النسبي الذي نعيشه في لبنان إلا أن الحنين والشوق إلى الوطن الأم هو الامل الوحيد لنا . “نريد العودة إلى وطننا إلى أهلنا إلى بيوتنا، نريد أن نعيد بناء بلدنا المدمر. كلنا من دون إستثناء” . ويختم أبو محمد اللقاء “مهما قدم اليوم للسورين من مساعدات وحصص غذائية هذا كله لايساوي شيء امام عودتنا الى بيوتنا ،ولا شيء أجمل من أن يضع الانسان رأسه على الوسادة في وطنه ويشعر بأنه مرتاح الضمير والبال “نأمل أن تهدئ الأحوال في وطننا قريبا ، فمستقبلنا ومستقبل اولادنا في سوريا”.