النوادي الصحافية.. في المدارس الخاصة


 




تحقيق: زهراء حرب – طالبة كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية الدولية

 

لم تعد دراسة الصحافة أو ممارستها حلمٌ يُراود الكثيرين منذ نعومة أظافرهم، لأن هذا الحلم تحول فيما بعد إلى مهنة وشغف وخاصة بظل تطور المعلومات والتكنولوجيا، في عصر السرعة في عالمنا الجديد "عالم العولمة والإنفتاح الاقتصادي" والذي سمح بالإنفتاح الإعلامي لتصبح مهنة المتاعب متاحة لكل شخص يريد أن يمارس الإعلام ،وخاصة بظل نمو صحافة المواطن التي جعلت من كل مواطن صحافي يمارس الإعلام. المهنة التي تشع مع كل شروق الشمس ولا تنام حتى مع بزوغ القمر لتصبح سهلة المنال وصعبة التنفيذ، لأنها مهنة المسؤولية والرأي العام هي" مهنة الصحافة" التي تسمى السلطة الرابعة

وبسبب أهمية هذه المهنة في عالمنا الحالي ونظرا للإقبال الكثيف من قبل الطلاب على دراستها وامتهانها, تقوم بعض المدارس الخاصة في لبنان ومند مدة طويلة بتأسيس نوادي خاصة للصحافة والإعلام كوسيلة ومبادرة منهم لنشر ثقافة الإعلام التي أضحينا جزاء منها ،ولتعليم الطلاب بعضاً من قوانين هذه المهنة،والتعرف على هذا الاختصاص عن قرب لتشجيعهم قبل اختيارهم لها اختصاصاً لهم في جامعاتهم

وبالتالي تكون المدارس من خلال تأسيس هذه النوادي تساهم في بناء أجيال يستطيعوا أن يمارسوا مهنة الإعلام والكتابة والقراءة الإعلامية ليس كأخصائيين إعلاميين، بل كمشاركين في هذه المهنة من خلال اختصاصاتهم الأخرى

 

تجربة المدارس الخاصة في نوادي الصحافة :

 

ثانوية المقاصد الإسلامية في صيدا، هي مدرسة خاصة ومن المدارس التي أُسس فيها نادي للصحافة. الأستاذ محمود العزي مديرها، يشير إلى أن هذا النادي تم إقفاله في العام المنصرم، موضحا بان هذا الإقفال ليس إقفالا نهائيا لأنه يحدد مصيره عدد الطلاب المنتسبين إليه

ويقول العزي بأن القيمين على هذا النادي هم أساتذة اللغة العربية واللذين يقومون بتعليم الطلاب طريقة الكتابة ضمن دوام يمكن أن يمتد طيلة أيام الأسبوع

كما يشير العزي، إلى أن نادي الإعلام في مدرسة المقاصد، شبه مجاني حيث يُأخذ من الطالب مبلغ رمزي سنوي للمساعدة في الإستمرار

تضم ثانوية المقاصد أكثر من ثلاثة عشر نادي مختلفة الأنواع والتوجهات، ولكنها ليست جميعها فعالة.كون مدرسة المقاصد صفوفها من الصف السابع حتى الثالث ثانوي فإن الانتساب للنادي مفتوح لأي تلميذ كان،بما أن أعمار جميع الطلاب من هذه الصفوف مناسبة للاشتراك في أي من هذه النوادي

أما مدرسة الإيمان في صيدا وهي ثانوية خاصة تضم فيها عدة نوادي ويعتبر نادي الصحافة من أهمها. وقد أشارت "منيرة حجازي" مسؤولة نادي الصحافة في المدرسة إلى أن النادي قائم منذ اربعة وعشرين عاماً وهو مستمر حتى الآن. النادي يفصل الذكور عن الإناث، ولكن خلال نشاطات النادي يتم جمعهم

الإنتساب لهذا النادي ليس مفتوح لجميع الطلاب،لأن اساتذة المدرسة يقومون بإختيار الطلاب وفقاً لنتائجهم المدرسية وتحصيلهم العلمي، أي يُسمح للنخبة فقط بالانتساب الى النادي، اما النوادي المتبقية فهي مفتوحة للجميع بعكس نادي الصحافة

يضم نادي الصحافة في ثانوية الايمان حوالي عشرة تلاميذ. يتولى المسؤولية الحالية للنادي ثلاثة أساتذة، يمارس نادي الصحافة عمله مجانيا وتدعمه المدرسة في الداخل والخارج.يصدر عن هذا النادي مجلة المدرسة السنوية.أما الدروس التي يتم تداولها في النادي ترتكز على تقنيات الصحافة و القواعد المهنية واسلوب الحوار والتحاور مع الآخرين

 

اما ثانوية الشهيد بلال فحص في مدينة تول في منطقة النبطية، والتي تميزت بانشاء نوادي للنشاطات العامة و يتفرع منه نادي للصحافة والاعلام. تأسس النادي في العام 2005 وهو ما يزال قائم حتى الآن، ولكن يعتبر النادي جزاء من النادي المركزي لجميع مؤسسات أمل التربوية العشرة، وهذة المدرسة هي واحدة منهم. يتميز هذا النادي بانه نادي تطوعي ومجاني بحث

مدير المدرسة الأستاذ علي عساف يقول: إن النادي كان يضم خمسة وعشرين طالبا وطالبة، بالإضافة الى أكثر من ثماني أساتذة ولكنهم كانوا أساتذة أكاديمين وليسوا إعلاميين

بالأغلب تكون نشاطات هذا النادي مرتبطة بنشاطات الثانوية وقد تكون في داخلها أو خارجها

الأستاذ بلال زين الدين، مسؤول النشاطات في النادي الصحافي للثانوية يقول: إن أعضاء هذا النادي يتم قبولهم من المرحلتين المتوسطة والثانوية، وهنا تكمن اهمية النادي في اعطاء مساحة واسعة للتلاميذ لابراز مواهبهم والتعبير عن آرائهم واثبات شخصيتهم في العمل الطويل اثناء الدارسة ، والمدرسة تهدف الى بث الثقافة العامة وسط الاجيال الصادعة، من خلال المشاريع التي ترسمها المدرسة اثناء العام الدراسي والتي تقوم من خلال هذه النوادي، ويلعب نادي الصحافة دورا مميزا في هذه النشاطات

أهمية النوادي الصحافية في المدراس :

 

تلعب فكرة انشاء نوادي الصحافية في المدارس دوراً هاماً في بناء ثقافة الإعلام من خلال تطوير وانشاء نوادي اعلامية جديدة

خالد العزي، دكتور في الصحافة والاعلام ومدرس اعلام في الجامعة اللبنانية الدولية يصر:" بان هذه النوادي لعب دورا كبيرا في توجيه الشباب وتعليمهم، وثتقيفهم اعلامياً وهذا لا يعني بأن الطلاب في المدارس يجب ان يصبحوا اعلاميين، بل يمكن ان يفهموا ثقافة الاعلام المنتشرة التي اضحت تسيطر على حياتنا بظل التطورالتكنولوجي والمعلوماتي،وخاصة اننا نعيش اليوم في زمن اصبحت فيه الشاشات تفرض نفسهاعلينا"، ويضيف العزي :" يمكن ان تلعب النوادي الصحافية دورا رياديا بدفع الشباب المهتم بالاعلام في خوض تجربتهم الخاصة الى جانب اختصاصتهم الاخرى، فاليوم انتهى دور الاعلام المتخصص المحصور باشخاص يدرسون الاعلام في كلياتها ،وظهرت صحافة المواطن".

وأشار العزي: يجب أن تتعامل هذه النوادي مع مبدأ الاعلام من خلال ربط هذه النوادي مع اخصائين واعلاميين وكتاب ومصورين، وبالمناسبة هناك نوادي تقيم دورات ومحضارات للطلاب الذين يحبوا التعرف على ثقافة الاعلام ،وقد كان لي محاضرة وورشة عمل في ثانوية الايمان ،والورشة التي دربتها تعمل في مجلة خاصة بالمدرسة ،وهذه الورشة ذهبت الى مصر وعملت مجموعة من التحقيقات للمجلة واتذكر تحقيقهم المميز عن الممثلات المصريات المحجبات

أما "مكرم كامل" دكتور الاعلام ومدرس اعلام في الجامعة اللبنانية الدولية يقول : إن اسباب غياب النوادي بشكل عام عن المدارس الرسمية، هي بسبب غياب خطط تطويرية من قبل الدولة ،لان المدارس هذه تعاني بشكل عام من مشاكل عدة في ادارتها،واساتذتها والمنهجية واسلوب التعليم . وخاصة ان الدولة في مدارسها لم تتجه حتى اليوم نحو النشاطات الصيفية ،واتباعها لاسلوب التعليم وليس التربية

ويضيف كامل: إن المدارس الرسمية لا تزال حتى اليوم تستقطب العدد الهائل من التلاميذ،التي لم تعد خطط ومناهج جديدة توافق مع التعليم الحديث والتطور التكنولوجي الذي يعيشه العالم ، وبالتالي يجب ان يكون التغير في هذا المكان وليس في المدارس الخاصة". ويشير كامل بانه شارك في منظمة الاونيسكو، ووزارة التربية ووزارة الشباب في برنامج استمر ثلاث سنوات في محاولة من خلاله لاقناع وزارة التربية بضرورة تغيير طريقة التدريس وانشاء نوادي، ولكن كان هناك اجماع على ان الطريقة الكلاسيكية هي اجدى وانفع

أما حميد نصر الدين استاذ علم النفس التربوي في الجامعة العربية المفتوحة يقول: لا بد من التجديد التربوبي في مدراسنا العربية واللبنانية خاصة لأنها تحل مشاكل عديدة ولان التجديد يتم التخطيط له مسبقا او جزئيا او كليا ، فالتجديد التربوي يقع في اطار اجتماعي او مؤسساتي او فردي، ولان التجديد في المناهج التربوية له فؤاد عديدة في النظام الاجتماعي

 

وبظل التطور التكنولوجي والمعلوماتي وظهور إعلام المواطن الذي بدأ ينتشر سريعا مع اعلام التواصل الاجتماعي، وبعيدا عن القواعد الكلاسيكية للاعلام ، تكمن اهمية النوادي الصحافية في ضبط قواعد العمل الاعلامي وتجهيز كوادر للدراسة في كليات الاعلام ونشر ثقافة الاعلام ، ولذلك يجب الحفاظ عليها في المدارس المتواجد فيها، وتطويرها ،ونشرها في المدارس الاخرى التي تغيب عنها، والمطالبة بانشاء هذه النوادي لما تحمله من افادة للتلاميذ .فهذه النوادي، تعتبر الركائز الاساسية للتلاميذ حيث تزودهم وتنمي فيهم ثقافة المعرفة عن هذا العالم قبل انخراطهم في اختصاصتهم الجامعية