استقال الرئيس نجيب ميقاتي… طالبنا دوماً باستقالة هذه الحكومة لانها ولدت نتيجة انقلاب على اتفاق الدوحة، وانقلاب على حكومة كان ثلثها الضامن لرئيس جمهورية لم يتمكن من ضمان وزير استقال بناء لرغبة "حزب الله"، ولأن ولادتها، في الأصل، كانت بعيدة من روح الوحدة والتوازن والاستقرار والديموقراطية.
البعض اعتبر ان حكومة من لون واحد يمكن ان تحكم بطريقة فاعلة، وان حكومة الوحدة الوطنية فشلت لان الخلافات في وجهات النظر بين مكوناتها كانت تكبر وتتفاقم.
هكذا بدأت تجربة حكومة "حزب الله" والمتحالفين معه، واعطيت لهم فرصة إنقاذ لبنان والبدء بالاصلاحات الموعودة وبتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
طالبنا باستقالة الحكومة تلك التي بدأت معها الأزمات تتراكم. فالسياحة، العصب الاساس في الاقتصاد اللبناني، تراجعت في شكل مخيف، ولم يعرف لبنان حال تردٍ مماثلة حتى في العام 2006 خلال حرب تموز وما بعدها، او في الاعوام الماضية رغم كل المشكلات الامنية، والازمات الاجتماعية تزايدت وتعمقت أمام عجز الحكومة.
أما في الملف الأمني، فقد أمل البعض في ان ينعم لبنان بالهدوء، لأن الفريق الآخر نال ما يريد، لكن الحلم انتهى سريعاً الى اشتباكات متنقلة بين المناطق، وعمليات خطف لبنانيين وأجانب، وقطع طريق المطار ومعظم الطرق، وصولاً الى انفجار الاشرفية الذي أودى باللواء وسام الحسن، قبل ان تصبح طرابلس، مسقط رئيس الحكومة و5 وزراء، مدينة مكشوفة على الفلتان والفوضى والقلق.
الذين أتوا بميقاتي رئيساً للحكومة لم يتركوا له حرية الخيار في أي ملف، خصوصاً بعدما حاول إنقاذ ماء الوجه في ملف تمويل المحكمة الدولية، اذ اشتد عليه الحصار "الالهي"، وردوا عليه بأن جلب المتهمين مستحيل في المناطق "المقاومة". وأكمل هذا الفريق تهديده لميقاتي بوزير خارجيته وغيره ممن يعلنون مواقف لم تتخذ في مجلس الوزراء بل في مجالس أخرى معلومة ومجهولة.
طفح الكيل ودقت الساعة عندما لم يتمكن رئيس الحكومة من فرض ارادته بالتجديد للواء اشرف ريفي في هذه الفترة السياسية والامنية الحرجة، فكان الخيار ما بين تخلي ميقاتي عن كرامته وعن شارعه الطرابلسي، السني تحديداً، وبين رئاسة الحكومة، فاختار التضحية بالثانية.
السؤال، ماذا بعد ميقاتي؟ هل نمضي في حكومة تصريف اعمال الى ما شاء الله، ونعيش فراغاً لا مثيل له على كل الاصعدة، في ظل استمرار الصراع السوري وارتداداته علينا؟
الوقت مناسب لاختبار مستوى الصدق في الحرص على لبنان، وهذا الحرص لا يكون إلا بالاتفاق على حكومة انقاذ وطني تجري الانتخابات النيابية، وتمسك بزمام الامور، وتتفق على تعيينات جديدة، كي لا تنكشف اوضاع البلاد… ونبقى على امل ان يتحقق هذا الحلم المحال في أسرع وقت ممكن ومن دون دماء وشهداء من دون الحاجة الى رعاية خارجية!