يراهن الكثير من العارفين بخبايا القوات اللبنانية ودهاليز الفكر السياسي الذي تسير عبره بأن رئيسها سوف يعود قريبا الى رفض المشروع الاورتوذكسي الذي حوله الى زويعم بعد ان كان اسمه قد بدأ يتردد على شفة ولسان كل العرب من الخليج الى المحيط على انه الزعيم الوطني الذي تخطى كل المراحل الصعبة والدعاية السيئة التي الصقت به من جراء الحرب في لبنان,وقد ساعده على ذلك ظهوره في اكثر من مناسبة على انه الرجل الذي لا خلاص للبنان بحدوده وقيمه واعتباراته المتعددة والمختلفة الا معه وليس مع اي مسيحي اخر,بحيث بات في قلوب المسلمين كما في قلوب المسيحيين ,ولكن ما حصل في اللجنة المكلفة بدرس المشروع الانتخابي النيابية منذ ايام أظهرت بان الهالة التي رافقته على مدى السنوات الماضية قد إنقشعت فجأة من حوله واعادته الى حجم زعيم فئة صغيرة قد لا تتخطى في المستقبل المئات إذا ما بقي متمسكا بالمشروع "البعثي" الذي زُحط عليه مع حليفه الاخر الرئيس امين الجميل,فهل ان طالع سوء هذا الرجل الذي لا يشك احدا بإخلاصه ووطنيته هو الذي يؤدي به الى عدم قطف ثمار التعب الذي يبذله؟ام ان الغباء السياسي هو الذي يحاصره على رغم وجود بعض المستشارين الجدد حواليه الذين ليس لهم ماض وتاريخ في النضال القواتي بل كانوا في باريس ومونتريال ودبي ولندن في الايام السوداء؟
مما لا شك فيه ان الحظ يلعب دورا في مستقبل اي شخص,ولكن هذه المقولة تخطاها الكثيرون من اهل السياسة في العالم بوجود حسابات الكومبيوتر ودراسات سبر الاغوار,ومعرفة اتجاهات الرأي العام وهذه كلها متوفرة له وقد قام بإجرائها كلها وكانت نتائجها الى جانبه كما تقول وسائل اعلامه وإعلام غيره .فهل ان التفسير الاخر هو الذي يجب ان يُعطى له ولهيئة اركانه السياسية؟اي الغباء السياسي؟ربما لان العاقل لا يلدغ من جحر مرتين ,فهو بعد ان تجرع العلقم من "الجنرال"في حربي التحرير والإلغاء و"تبرع"بالسلاح الذي كان قد اعد جمهور المنطقة الشرقية في حينه لتشريعه انذاك بدمه ومعموديته الشعبية من أجل إقامة "الكيان المسيحي" ,تبرع به كهدية,في غفلة عين, لاقامة وبناء الدولة التي يريدها كل المخلصين ولكن من دون اخذ الضمانات العربية والدولية التي ضغطت عليه من اجل ذلك ,بان سلاح حزب الله لن يبقى ليلة واحدة خارج السلطة الشرعية بعد انسحاب اسرائيل ..وها هو اليوم يقدم هدية اخرى لهذا الحزب عن حسن او سوء نية
,سيان..عن طريق الحليف الملتصق به حتى التوأمة والعدو المعلن للقوات "سياسيا"علنا وصراحة لتعارض النظرتين السياسيتين لكلا الفريقين بخصوص سيادة لبنان وسيادة القانون فيه والسلاح غير الشرعي وإقامة الدولة القادرة التي حلم بها الجميع منذ ايام بشير الجميل ولم يتمكن احد من تحقيق هذا الحلم حتى الان ..وليس دولة نجيب ميقاتي التي بات فيها خطف المواطنين للحصول على فدية ,خبزها اليومي .لقد عمل جعجع خلال العشر سنوات الاخيرة على تلميع صورته وتظهير شخصية وطنية له تتخطى التقوقع الطائفي والمذهبي بحيث اصبح محجة وطنية لكل ناس الطوائف التي امنت به كشخصية مركزية لاي إصلاح على صعيد لبنان.وبات السني والدرزي والشيعي والسرياني والكاثوليكي والاورتوذكسي قبل الماروني يعتبره نموذجا للدولة العصرية التي تحاكي ارقى دول العالم, وبعد إعتذاراته العلنية وزياراته العربية والدولية ومواقفه الصلبة تجاه حزب الله وبقايا البعث في لبنان توج زعيما وطنيا وقد كان لتيار المستقبل ,دون ادنى شك,ولزعيمه الرئيس سعد الدين الحريري دورا مهما في ذلك..فما الذي حدث قد يعود الى القوقعة المذهبية ؟هل هي قشرة موز من حزب الله بواسطة الجنرال؟ام مزايدة على المزايدين؟او خطأ في الحسابات؟مهما كان السبب فهو مرفوض وغير مبرر,ولا يريد احد من جمهور 14 اذار ان يخطئ الحكيم في حساباته ,خصوصا هذه المرة التي تعتبر مفصلية في خياراته الوطنية ..وما هو مطلوب اليوم خطوة تصحيحية قبل فوات الاوان..لان موقعه في خندق واحد مع محبيه من كل الطوائف والمذاهب..لا ان يكون"اورتوذكسيا"في الوقت المطلوب فيه ان يكون وطنيا لبنانيا .