سوريا: حسم أو خطر اسرائيل ثانية… – علي حماده – النهار



نقل عن المبعوث الدولي – العربي الى سوريا الاخضر الابرهيمي في اتصال له مع احد اصدقائه القدامى اخيراً قوله: "ان الوضع في سوريا مقبل على ايام اكثر صعوبة، واكثر دموية، وقد يطول الامر فيما البلاد تشهد تدميرا منهجيا بفعل القتال". ونقل عنه ايضا "ان لب المشكلة التي تعترض عمله كوسيط لحل الازمة هو أن كلا الطرفين النظام والمعارضة يعتقدان انهما قادران على حسم المعركة، فيما الواقع يشير الى استحالة حسمها اقله في المدى المنظور"، ووفقا للمعطيات المتوافرة عن قدرات الطرفين الحقيقية التي لا تشير بحسب الابرهيمي الى امكانية للحسم.

طبعا يمتلك الابرهيمي معلومات ميدانية ربما لا تتوافر لغيره، فهو محق في التخوف من ان تشهد سوريا شلالات من الدم اكبر من تلك التي شهدتها في الفترة السابقة. كما انه محق في جزئية ان النظام يعتقد انه قادر على حسم المعركة ضد الثورة على الارض. اما اعتقاد الثورة بقدرتها على حسم المعركة فليس بالوهم، بل بالعكس. فهي لم تتوقف عن التقدم في كل مكان، وان كانت في مراحل عانت من مراوحة ميدانية فرضها ضعف قدراتها النارية، وافتقادها اسلحة متطورة قادرة على تحييد سلاح الطيران الذي لجأ اليه النظام في محاولة لتعويض قصوره الميداني، وعجزه عن الزج بقوات اضافية. والأكيد انه كلما استحوذ الثوار على اسلحة متطورة ضد الطائرات والدبابات حققوا مزيدا من التقدم على الارض. هذه حقيقة، وما لجوء النظام في الشهر الاخير الى تكثيف اطلاقه صواريخ باليستية من طراز "سكود" على مدينة حلب والشمال السوري سوى دليل على ان سلاح الطيران الذي اسقط نصفه على الاقل حتى الان ما عاد يكفي لمنع تقدم الثوار واستكمال سيطرتهم على كامل الشمال السوري. ولكن صواريخ "سكود" على قوتها التدميرية لا يمكنها ان تقلب موازين القوى البشرية على الارض، وفعاليتها الراهنة (برؤوس تقليدية) نفسية ومادية اكثر مما هي عسكرية.

لقد أخذ على الابرهيمي انه سارع الى ادانة تفجيرات دمشق الاخيرة، في حين انه لم يقل كلمة واحدة في واقعة قيام نظام حكم بإمطار شعبه ومدنه بصواريخ باليستية لم تستخدم في المنطقة منذ حرب الخليج الاولى سنة ١٩٩٠. ومع ذلك رب قائل ان بيانا صادراً عن الابرهيمي لن يقدم ولن يؤخر في شيء في الوقت الذي يعتبر بشار الاسد انه يمارس "حقه" وفق نظرية نقلت في بداية الثورة عن أخيه ماهر الذي صرح ان حافظ الاسد تسلم حكم البلاد سنة ١٩٧٠ وعدد سكانها ثمانية ملايين، واليوم وصل عدد السكان الى ثلاثة وعشرين مليونا، وهو واخيه بشار لن يتورعا عن اعادة البلاد الى عدد سكانها في ١٩٧٠.

ومن هنا استحالة الحل السياسي، واستحالة التعايش وفق صيغة وسط معه. وحده ايمان الثوار بالحسم هو الحل، ووحده السعي الميداني لاسقاط النظام هو الحل. وإلا فإن سوريا ذاهبة الى حرب المئة عام مشفوعة بولادة اسرائيل ثانية وثالثة ورابعة.