جريمة تنقذ المسيحيين؟ – ميشيل تويني – النهار






أقرت اللجان النيابية المشتركة مشروع " قانون الفرزلي". بكل بعد نظر ورؤية مستقبلية أُقِرّ القانون، ومن المنتظر ان يحيله رئيس مجلس النواب الى الهيئة العامة… فهل ينال هناك الاكثرية نفسها التي أعطيت له في اللجان، أم ثمة قطبة مخفية يتوقع ان تكشف عنها مرحلة الايام القليلة المقبلة؟!.


إذا ما حصل ان اجتاز مشروع "اللقاء الارثوذكسي" حاجز مجلس النواب، تصبح خشبة الخلاص الوحيدة، عند رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي صرّح تكراراً انه ضد المشروع المسمى زوراً وبهتاناً بـ"الأرثوذكسي" وانه سيطعن فيه كونه غير ميثاقي. يؤكد البعض ان ما جرى كان مناورة من حزبي القوات والكتائب، لكسب العطف المسيحي، وعدم اعطاء "التيار الوطني الحر" حصرية دور المنقذ للمسيحيين، خصوصاً ان مسؤولي الحزبين يعلمون ان اقرار "الارثوذكسي" صعب، وانه سيكون مادة للطعن الدستوري. لكن السؤال المطروح هو هل يساهم الكتائب والقوات في اللعبة لعدم مواجهة الرأي العام المسيحي بالحقيقة؟ واذا كانت هذه هي الحال، فستكون جريمة لان هذه المسرحية ستؤدي حتماً الى انقسام وتأجيل للانتخابات. اما اذا كانت الموافقة عن اقتناع بالمشروع فيكون الامر اكثر استغراباً، لانه يعيدنا الى مشاريع تقسيم البلد، وتسليمه مجدداً الى "حزب الله".


لفتني قبل يومين تصريح للنائب سامي الجميّل، ناصحاً بالايجابية حيال "الارثوذكسي"، لان المسيحيين اتفقوا عليه. عذراً من النائب الجميّل، لانه ومن معه في لجنة بكركي، لم يعلموا ان المسيحيين في لبنان لا يُختصرون بالكتائب و"القوات" و"التيار الوطني الحر". والقوانين المتفق عليها في ما بينهم ربما تسمح لهم بالمحافظة على مقاعدهم، لكن فلينزلوا من عليائهم ليعرفوا ماذا يريد اللبنانيون، وتحديداً فئة الاكثرية الصامتة.


هؤلاء اللبنانيون الذين صنعوا مجد 14 آذار وحقيقة ثورة الارز، والذين حلموا بدولة مدنية وببناء وطن جديد، سيصدمهم اليوم ان يكتشفوا ان كباراً منهم يعملون على دفن حلمهم الكبير. ومع احترامنا وتقديرنا للاحزاب المسيحية، فإننا لا نريدها ان ترسم مستقبلنا بعدما اوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم نتيجة جولات الاقتتال والقتل في ما بينها والتي دمرت بنية مجتمعنا.


لا نقول ان موقف وليد جنبلاط ليس ضمن الحسابات الضيقة ايضاً، لان المشروع الارثوذكسي سيضعف قوته النيابية، وربما هي حال "تيار المستقبل" ايضاً. لكن بغض النظر عن حسابات المقاعد، من المعيب والمخجل امام التاريخ القول ان نواباً اقدموا في يوم من الايام فصوّتوا لقانون معيب بحق كل لبناني آمن بوطن، قانون يدفن الانجازات الوطنية للنهار التاريخي في 14 آذار 2005. عار على كل نائب يمثل الأمة اللبنانية ان يصوّت لقانون القبائل، قانون يمنع التغيير ويربطنا مجدداً بالاحزاب المتقوقعة التي تنتج قوانين على مقاسها وتنسى احلام جزء كبير من اللبنانيين.