ولبنان لن يعاونها بالمثل – كارلا خطار – المستقبل


أن يكون أحد عناصر "حزب الله" متّهم في قضية محلية أو دولية، فهذا لا يحمل جديداً للشعب اللبناني، حيث إن هناك ما يغلّب عنصر المفاجأة على الجدّة خصوصاً حينما تبدو الحكومة البلغارية مندفعة في التحقيق في قضية تفجير الباص في بورغاس، مقابل حماسة شديدة تظهرها الحكومة اللبنانية. فعلى أثر التحقيق البلغاري الذي اتهم عنصرين من "حزب الله" في تفجير بورغاس، تسابق وزراء الحكومة اللبنانية في الدفاع المستميت عن الحزب فيما يعرضون على الجانب البلغاري المساعدة.





قبل اليوم، كانت الحجة بأن الحكومة اللبنانية لم تتلقَ أي رسالة رسمية من نظيرتها البلغارية.. أما اليوم وقد استلم وزير الخارجية عدنان منصور الرسالة فمن المتوقع بحسب تصريحه أن "نبني على الشيء مقتضاه". فالشيء، وهو التحقيقات، يشير بالأسماء الى العنصرين اللذين ينتميان الى "حزب الله"، أما المقتضى، أي الإجراءات القانونية، فهو أن تبحث عنهما الحكومة اللبنانية في لبنان وتسلّمهما الى بلغاريا.. لكن هل هذا فعلاً ما سيحصل في وطن يحكمه "حزب السلاح" وهو الآمر الناهي في حكومته؟


طبعاً لا… وسيذهب هدراً كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن أن "لبنان مستعد للتعاون الكامل مع بلغاريا التي بدورها ستتعاون مع لبنان"، وسيكون معنى "بلغاريا ستتعاون بدورها مع لبنان" أن بلغاريا ستتعاون مع لبنان على التستّر على المتّهمين"… وسيكون الكلام المليء بالأمل والزخم والاندفاع و"الأدرينالين" ليس سوى "عرض" خدمات مفخخ لإظهار الحكومة اللبنانية متعاونة على المستوى الدولي, فيما الواقع أنه ليس بمقدورها التعاون مع مواطنيها في لبنان لحلحلة مشاكلهم، ناهيك عن البحث عمن قتل رجال السياسة والوطن… فهل تصدّق الحكومة البلغارية وعود نظيرتها اللبنانية؟


بما أن كلام الأخيرة عن التعاون ليس سوى مناورة، فإن هذه التفاصيل لن تخفى على الجانب البلغاري، بعدما أظهرت هذه الحكومة فشلاً في التعاون في مختلف الملفات المحلية والدولية، فالتعاون مثلاً يكاد أن يكون معدوماً بين الوزراء أنفسهم، كذلك بين الوزراء والشعب اللبناني.. وبالتالي فإن الحكومة اللبنانية تستخدم كلمة "تعاون" للمناورة وتمييع الوقت ليستغلّه حليفها بشار الأسد، خصوصاً أن "حزب الله" أثبت عدم تعاونه مع القضاء الدولي، لا بل رفض أحكامه منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واتهام 4 من عناصره بالجريمة…


بعد "خبرة" لبنانية مع "حزب الله" منذ 8 سنوات، وحكومية منذ أكثر من سنة، يمكن التأكيد أن ليس لدى "حزب الله" نيّة بتسليم أحد.. ما عدا تسليم أمره ورجاله للنظام السوري لمقاتلة الشعب والإعلان بعدها عن "واجب جهادي". لم يكفِ بلغاريا تفجير بورغاس، فها هي حكومة "حزب الله" تعدّ لها تفجيراً رسمياً تأكيداً على "التهاون" في التعاون! فهل يُطلب من العوسج تين؟


من حيث الشكل، يقول عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري إن "الخناق بدأ يضيق حول رقبة المرتكبين في هذا الملف، وواضح أن الحكومة البلغارية تتّبع الأصول في هذا المجال، وتستعمل القنوات الديبلوماسية لإيصال هذا الملف، ويبدو أن الملف بات في عهدة وزارة العدل عبر وزارة الخارجية".


ويتوقّع حوري "مزيداً من الهروب الى الأمام من قبل الحكومة اللبنانية لأنها لا تملك أمرها وهي حكومة "حزب الله" التي كانت كذلك وستبقى، و"حزب الله" سيملي على هذه الحكومة ما يريده من مواقف وقد سبق له أن قال موقفه من المتّهم في محاولة اغتيال النائب بطرس حرب". وأضاف حوري: "الموقف نفسه سيكرره "حزب الله" بعدما أفصح عنه جراء فضيحة الدواء الفاسد والكابتاغون والجمارك وغيرها من القضايا…".


ويلفت الحوري الى أن "موقف "حزب الله" معروف، وهو التستر على المرتكبين كما حصل مع المطلوبين في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقد أخبرنا يوماً السيد حسن نصر الله بأن 300 عام لن تكون كافية لإلقاء القبض عليهم". ويخلص إلى أن "النمط معروف وأي كلام آخر سيكون لكسب الوقت لا أكثر".


من جهته، يشير عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب فادي كرم إلى أن "الدول المتحضرة تتعاطى بطريقة قانونية مع الدول الأخرى وتحترمها وتتعاطى معها من دولة الى دولة"، ويتابع: "أما إذا كانت الحكومة اللبنانية تعتبر أنها في دولة لا تحترم نفسها فهذا أمر آخر، والمطلوب فقط تسليم المتّهمَين واحترام القوانين العالمية"، وأوضح "إن لم تسلّمهما ستدخلنا في مأزق جديد مع العالم والقوانين الدولية تماماً كما في السابق".


ويشرح كرم: "المهم هو التعاطي بطريقة قانونية وديبلوماسية"، مضيفاً: "بحسب تجربتنا مع هذه الحكومة فنحن لا نتوقع التعامل مع الموضوع بإيجابية".