وخزات تنبيهية من واقع الأحداث – عبد الغني محمد المصري


منطقة الهلال الخصيب، هي قلب العالم، ومهد القانون والحرف والحرفة في العالم، ففيها انطلقت اول ابجدية معولمة مكتوبة هي اوغاريت من ارض الشام، ومنها صدر قانون حمورابي في ارض الرافدين، وفيها كان اختراع العجل (الدولاب).
هذه المنطقة تزخر بالاحداث المتتالية على شكل متوالية، حدث يتبع حدث. حراكات تفجر اسئلة عديدة ومتنوعة. ومن التساؤلات المشروعة، والتي قد تكون مهمة ما يأتي:
— هل اختارت الطائفة النصيرية العودة الى كهفها الانعزالي؟
— هل يدا هيئة التنسيق غير ملوثتين بالدماء؟
— هل يمكن لمظاهرات الرمادي ان تمض ابعد؟

— هل اختارت الطائفة النصيرية العودة الى كهفها الانعزالي؟
————————————–
يقول المثل "من جرب المجرب فعقله مخرب". الطائفة النصيرية كانت طائفة معزولة لقرون عدة، وقد اورثت عزلتها وانغلاقها على نفسها تخلفا وفقرا، وازدراءا من الفضاء المحيط. وقد سبب ذلك لها ظلما في بعض الفترات.
لقد تواطأت الطائفة مع الغزاة من المغول والصليبيين، وقد قامت بجريمة قتل مئات الالاف من السنة قبل حوالي 750 عام في غفلة التاريخ.
دارت عجلة الزمن، وحكمت نفس الطائفة لمدة اربعين سنة متتالية. كان بإمكانها ان تنفتح على الآخر، وان تنعتق من متلازمة الانعزال والغربة، لكنها اختارت التجبر، والاذلال للآخر، فانتهى بها ظلمها الى جريمة قتل قد تصل الى حوالي مئتي الف مواطن سوري خلال هذه الاربعين سنة.
الآن تتكلم الانباء عن سحب بشار لألويته الطائفية الى جبالهم، وقراهم، كي يتخذوها خنادق للدفاع عن انفسهم بعد ان اثخنوا القتل، والذبح، وقطع الطريق، والاعمال الهمجية.
لقد عرفت عائلة حافظ واصهارهم وانسباؤهم كيف يربطون مصير الطائفة بمصيرهم، فأصبح شبابهم وقود محرقة للحفاظ على مصالح عائلة حافظ وشركاه، وقريبا عائلة حافظ واصحابه قد يهربون مع ملياراتهم، الى دبي، او امريكا الجنوبية، بينما ابناء الطائفة الآخرين سيعودون الى كهوفهم، وعزلتهم، ينتظرون سبعمئة عام آخر، آملين ان تنسى اجيال الآخر جرائمهم كي يعودوا مرة اخرى الى نفس الحلقة المغلقة التي يعيشون بها منذ جاء زعيمهم ذو الاصل الفارسي محمد بن نصير من العراق، واسس طائفة اسمها النصيرية نسبة اليه.
أليس هناك نخبة من العقل اللامخرب، ليختار حياة افضل لاجيالهم القادمة، ام انهم صم، بكم، عمي، فهم لا يعقلون؟.




— هل يدا هيئة التنسيق غير ملوثتين بالدماء؟
—————————–
روسيا، وتوافقها امريكا ان هيئة التنسيق "المعارضة" هي معارضة سلمية للنظام. الحديث يدور عن حكومة انتقالية مع "المعارضة الداخلية" وآخرين من نفس النظام ممن لم تتلوث ايديهم بالدماء!!!.
المعارضة الداخلية لا يقصد بها المجالس المحلية التي شكلها اهالي المناطق المنكوبة المحررة، بل المقصود بهم هيئة التنسيق المعارضة.
أليس الصمت عن اجرام النظام، وشرعنة وجود معارضة والذي وفر ذريعة لبشار وروسيا ومحور ايران كي يمعنوا في قتلهم، اليس ذلك تلوث للأيدي بالدماء؟.
اليس اتهامهم لكتائب الجيش الحر وخلال اكثر من مرحلة بالعصابات المسلحة، هو اشتراك مع النظام في القتل والاجرام؟.
هل يعني اشتراك من لم تتلوث ايديهم بالدماء، ان نرى شخصا مثل جهاد مقدسي وزيرا للاعلام في حكومة انتقالية مثلا؟، ألم يكن تبريرتعيين اول سفير لسوريا من طائفة النظام، والذي قد يكون يحمل الجنسية الفرنسية، بأنه ارضاءا لفرنسا؟، فهل يمكن تعيين هيثم مناع وزريرا لحقوق الانسان ارضاءا لروسيا مثلا؟ وتعيين فلان من الجيش او الامن ارضاءا لامريكا؟.
الخلاصة ان اعضاء هيئة التنسيق هم اشخاص متواطؤون في الجريمة، وايديهم ملوثة بالدماء، ليس بمعنى العقاب، وانما بمعنى المنع من الدخول في اية حكومة انتقالية.
وكل سياسي او ضابط، او عسكري استمر وجوده في الجيش او الامن خلال الاشهر الاخيرة، وبعد مجزرة القبير، والحولة، هو شخص يديه ملوثة بالدماء، وكل هذا الكم من الامعات، اصحاب اللاقرار بل التبعية والتقديس، والايمان المطلق بالاقوى ماديا، والذي يمكن ان يقود الى فلول اقسى واعتى من فلول ارض الكنانة، هؤلاء مجموع رغم عدم ضغطه على الزناد الا انه الهيكل الذي مكن النظام من الصمود لمزيد من السحل، والتفجير.

— هل يمكن لمظاهرات الرمادي ان تمض ابعد؟
——————————
الحراك في الرمادي حشد اكثر من مئتي الف مدني. محافظة الرمادي هي اكبر المحافظات العراقية من حيث المساحة، ودراسات المسح الطبقي للارض تتكلم عن مخزون هائل من الغاز في صحاريها المترامية الاطرف.
الكرد اصحاب ارادة سياسية وارادوا المضي في تثبيت ركائز دولتهم.
مشكلة المعارضات السنية انها مخترقة من كل الافرقاء، بدءا بإيران، مرورا بالمخابرات العربية، وصولا الى القوى الامنية الشيعية العراقية. لذا فهي معارضة بلا وزن، تتلاعب بها المصالح الاقليمية خاوية من الارادة السياسية.
هل يمكن لحراك الرمادي، ان ينسق حراكه مع كل حواضر الانبار وبواديها، وهل يمكن ان يمتد الى محافظات صلاح الدين، وبعقوبة، ونينوى، وبغداد، وصولا الى التنسيق مع حكومة كردستان ضمن لعبة المصالح المتبادلة؟.
هل يمكن لذلك الحراك ان يستبدل اللعبة الاقليمية باللعبة المحلية الاكثر واقعية، والاقرب تناولا؟.
تساؤلات، تجمع ان نجاح الحراك السني يكمن في تحالفه مع اخيه الكردي، وتعافيه من الاختراقات الاقليمية القاتلة.