بعد نحو سنتين من انطلاق الحراك في سوريا، يتأكد عقم الحل الامني الذي لم يكن من شأنه إلا تدمير البلد الذي صار فعلا خرابا.
الحسم العسكري من جانب النظام السوري بات مستحيلا، وهذا ما اعترف به صراحة نائب الرئيس فاروق الشرع قبل ايام. ولهاث المعارضة وراء السلاح كان على مايبدو اسوأ الخيارات، اذ يتأكد يوماً بعد يوم خطأ نظرية "عسكرة الثورة" التي لم تخفف وطأة الكلفة الباهظة بشريا وماديا، لا بل دفعتها صعودا الى ذروة الخسارة التي ينوء تحتها اي شعب.
خريطة الميدان لا توحي بقرب الحسم. صحيح ان النظام لا يزال يمتلك اكبر قوة عسكرية على الارض ويحظى بدعم فئات ودول عدة، لكنه حتما فقد زمام المبادرة من زمان. وصحيح ان قوات المعارضة تسيطر على مساحات واسعة من البلاد، لكنها لا يمكن ان تدعي السيطرة الكاملة على المدن الرئيسية التي يجري فيها القتال بين مد وجزر.
طوال 21 شهرا من القتال لم تشهد الساحة السورية وقفاً للنار، ولا هدنة استراح خلالها المتقاتلون لالتقاط الأنفاس. لم يكفّ الجيش عن تنفيذ عملياته العسكرية في طول البلاد وعرضها، ولا تراجع تدفق المسلحين والمقاتلين ولا توقف نهر الدم والدمار. كلا الطرفين يرفض الحوار والجلوس الى طاولته وكلاهما يزداد شراسة.
وبينما المجتمع الدولي يتحدث عن حل او تسوية للازمة، تجد سوريا غارقة في القتال حتى النخاع. الخارج في واد والداخل في واد، فاما ان اللاعبين الكبار عاجزون عن وقف القتال واما ان الجميع منخرطون في لعبة التدمير والخراب، وهذا هو الارجح.
حال الحل السياسي ليس افضل من حال الحل الامني، التفاهم الروسي – الاميركي في جنيف لم يوضع بعد على السكة الصحيحة. كل طرف يتهم الطرف الآخر بنقضه. وفي الداخل ثمة سؤال لا جواب عنه عن ماهية الضمانات المقنعة والتي يمكن توفيرها للذين يقفون إلى جانب النظام من أجل التفكير في التخلي عنه، وفي المقابل ثمة اصرار من الطرف المعارض على رفض اي دور لرأس النظام في المرحلة الانتقالية وخصوصا في المرحلة التي ستليها.
في ظل مناخات كهذه، ليس مستغربا ان يغادر الابرهيمي دمشق من دون جواب حاسم عن خطته لحل يبدو مستحيلا اليوم.
الخوف، ان تكون زيارة الممثل الدولي والعربي هي الاخيرة لأرض سوريا تاركا اياها ملعبا رومانيا مفتوحا لاكثر انواع المصارعات شراسة وبشاعة.