ماذا لو فعلتها الحكومة وقامت بإغلاق المواقع الإلكترونية، هل نستسلم بسهولة أم نتحول الى برنامج جديد، ونترك خلفنا الإعلام الإلكتروني يذهب أدراج الرياح كما فعلوا بالوطن عندما أقحموه في برنامج التحول الإقتصادي ليصبح في مهب الريح.. لماذا تحاول الدولة أن تأخذ كل شيء.. حاضرنا، ومستقبلنا. ولماذا لا تريد للمواطن أن يكون سعيداً؛ فتنزع منه أسباب السعادة، ولماذا تبحث الحكومات عما ينغص عيش الإنسان الأردني، فتأخذ منه أكثر مما تعطيه..؟!
قانون المطبوعات والنشر؛ قانون تمت إضافته الى مجموعة قوانين تعالج مشاكل المواطن مع الإعلام وغير الإعلام، ومن القوانين التي يمكن للمواطن الإعتماد عليها في تنفيذ العقوبة على كل من يسيء الى الدولة، والنظام، والمواطنين؛ قانون العقوبات بفروعه. ولم تكتفي الدولة بإصدار وتشريع قوانين تلبي حاجة الوطن بل زادت على القوانين بقانون جديد لا يختلف كثيراً عن القوانين الأخرى إلا ببند واحد يتيم؛ بند الحجب، إذ يمكن لدائرة المطبوعات والنشر حجب المواقع التي لا تقوم بالترخيص، أو أن يقوم القاضي بحجب المواقع المرخصة؛ وما بين الترخيص وعدمه؛ العلاقة بين الحكومة والقضاء، أو بتفصيل أكثر؛ العلاقة بين مدير المطبوعات والقاضي الذي يحجب الموقع.
قانون المطبوعات والنشر فيه من الثغرات الشيء الكثير، وأعتقد أن الحكومة عندما سلقت القانون وحولته الى مجلس النواب السادس عشر لم تنتبه الى وجود ثغرات، والسبب هو التسرع، إذ تم إقراره من قبل المجلس المزور وفق رغبة الحكومة خلال أيام معدودة لا تتجاوز الأسبوع. أما الثغرات الموجودة في القانون، وربما تكون من أسباب بطلانه إن قامت المواقع الإلكترونية أو جمعية الصحافة الإلكترونية برفع دعوة قضائية، ما يأتي:
أولاً: إن المجلس الذي أقر القانون كان مزوراً، وباطلاً بشهادة الجميع، وقناعة جلالة الملك بضرورة التغيير ولذلك قام بحل المجلس لكثرة الإنتقادات التي تعرض لها من الشعب الأردني، وباعتراف رؤساء حكومات، ورؤساء أجهزة أمنية..؟ وما بني على باطل فهو باطل، وما نتج عن مجلس مزور فهو غير شرعي ولا يجب التعامل معه، أو تطبيقه إلا إذا كان التطبيق بالقوة الجبرية، وعندها تكون الحكومة تمارس الأحكام العرفية على الإعلام الأردني.
ثانياً: كانت المواقع الإلكترونية تعمل منذ سنوات عند صدور القانون، وبعد أن أقره مجلس النواب يجب على دائرة المطبوعات والنشر تطبيقه على المواقع الإلكترونية التي صدرت بعد صدور القانون ولا يجوز تطبيقه بأثر رجعي على مواقع كانت ولا زالت تتعامل الحكومات معها بالإعلان، والدعاية، ودفع الأموال بدل الأخبار والبيانات الصادرة عن مؤسسات رسمية وغير رسمية.
ثالثاً: عدم قدرة دائرة المطبوعات والنشر على حجب المواقع بسبب تعدد السيرفرات (الجهة المشغلة للموقع)، ووجودها خارج الأردن، وهل يمكن للحكومات أن تستعدي الشركات الحاضنة والمشغلة للمواقع الإخبارية وغير الإخبارية لمجرد أنها لا ترغب بالترخيص؛ مع أن ملايين المواقع حول العالم غير مرخصة، بالإضافة الى ذلك؛ هناك مواقع التواصل الإجتماعي، مثل: الفيسبوك، والتويتر، والبريد الإلكتروني، والرسائل الإلكترونية يمكنها جميعاً أن تؤدي الغرض وتقوم مقام الموقع الإلكتروني؛ والسؤال: كيف ستتعامل الحكومات معها؛ هل تتركها تعمل أم تقوم بحجبها إن تمادت، وهي كذلك في أغلب الأحيان؟!
رابعاً: يستطيع ناشر المواقع الإلكتروني أن يتوقف عن نشر الأخبار المحلية، ولا ينشر سوى الأخبار العربية والأجنبية، وعندها يحول الأخبار الأردنية الى صفحته على الفيسبوك أو التويتر مع تنويه بسيط لكل من يود الإنتقال الى الأخبار المحلية الى موقع التواصل الإجتماعي الذي سمحت به الحكومة؛ بالضغط على كلمة أو جملة تنقلك الى الأخبار التي تريدها، ويبقى الموقع لا يبث إلا الأخبار العالمية، وعندها لن يطبق القانون على الإطلاق.
الحكومات ولشدة استهتارها بالشارع الأردني وبالمواطن، والإعلام ستطبق القانون بالقوة الجبرية، ولن يهمها ديمقراطية، أو حريات، أو إعلام نموذجي تجده وقت الحاجة. إن ما يهم الدولة أن ترضي الفاسدين، والمتنفذين، وكل من أساء للدولة والشعب. ولو أرادت الدولة التخلص من المأزق الذي وضعها فيه مجلس النواب الراحل (بستين داهية) هناك ثغرات يمكن أن تلتجىء إليها مثل ترك القانون كما هو دون تطبيق لغاية انعقاد المجلس السابع عشر القادم؛ أي تجميد القانون مؤقتاً، وبعد أن يلتئم المجلس؛ يصار الى مراجعته مرة أخرى وجمع أكبر عدد ممكن من أصحاب المواقع الإلكترونية، أو التفاوض مع جمعية الصحافة الإلكترونية باعتبارها الجهة القانونية الوحيدة لغاية الآن، وتعديل بعض البنود التي لا تؤثر على هيكل القانون العام، وبعدها ستقوم غالبية المواقع بالترخيص دون تأخير.
المستغرب؛ أن الحكومات وبالذات هذه الحكومة تحاول زيادة حالة الإحتقان في الشارع، وزيادة نسبة المظاهرات، ودفع الإعلام الأردني المتحفز الى أن يكون أداة تحريض على ممارسة الغضب، والتصعيد، والبقاء في الشارع. لأن ما يحصل يدعو الى القلق، والخوف على مستقبل البلد من حكومات ومجالس نيابية تحاول هي زعزعة استقرار الدولة، مع أن الإعلام الأردني واع، ويحاول إيصال القدر الأكبر من المعلومات لحكومات باتت عاجزة عن محاربة الفساد والفاسدين، ومنع نهب مقدرات الوطن، ولأنها كذلك؛ تحاول السعي وراء تكميم الأفواه، ومنع الإعلام الأردني من البقاء حراً حتى يؤدي واجبه تجاه الوطن والمواطن..؟!