ان ما جرى ويجري في طرابلس منذ ثماني سنوات حتى اليوم، والمتمثل بالاشتباكات المسلحة بين اهالي جبل محسن والتبانة، لا يصب الا في خانة انهاك المدينة اجتماعيا، وتدميرها اقتصاديا، ويهدف اولا واخيرا الى نشر الفوض والرعب في ارجاء الفيحاء، خدمة للنظام السوري السائر الى السقوط لا محالة .
ان كل نقطة دم سقطت وتسقط بين الطرفين يجب ان تكون دافعا لنا للدعوة المتكررة الى اللحمة الاجتماعية والوطنية بين المواطنين من التبانة وجبل محسن، خاصة وان ما يحدث ليس لطرابلس مصلحة فيه لا من قريب ولا من بعيد، لا بل انه يطعن طرابلس في عفويتها، في طهارتها، في وطنيتها ونصرتها لكل القضايا الوطنية المحقة.
ان لمدينتكم حق عليكم ايها المتقاتلون، فبالله عليكم كيف تؤدونها حقوقها؟ هل بالدماء والتقاتل وبث الخوف والرعب في نفوس المواطنين تردون الجميل لطرابلس؟ ام بتنظيم الخلاف السياسي المحق والمشروع والذي يسهم في اثراء الحراك السياسي والثقافي والاجتماعي في المدينة بدلا من ان يلغيه ويمنعه ويحاصره؟.
طرابلس بحاجة الينا جميعا، لان نكون يدا واحدة، نحميها، نعمل لاجلها، نسعى لتطويرها، ولتنفيذ مشاريعها الانمائية الملحة، لا ان نتقاتل فيها ونحولها الى مدينة اشباح تهجرها الطيور المحلية والقادمة من الخارج. ويرفض زيارتها حتى اهالي المناطق والمدن المجاورة بحجة انها "مدينة الاشتباكات المستمرة".
ايها المتقاتلون انتم مدعوون الى تغليب لغة العقل والحكمة على ما سواهما من لغات حتى لا نقع ونوقع طرابلس في كهوف مظلمة لا تبصر النور مدى
الحياة. انتم امام اختبار حقيقي فاما تنجحون في اثبات حبكم وانتمائكم للمدينة ولتفاصيلها اليومية، ولفرادتها في تقديم نموذج مثالي للعيش الواحد بين ابنائها، واما ترسبون في امتحان الانتماء والمحبة والغيرة على مصلحة طرابلس.
كما ان ادانة ما يدور في طرابلس من نزاعات مسلحة وقتل، ودماء مراق هنا وهناك، لم يعد كافيا، بل على الحكومة ان تتحمل مسؤوليتها الكاملة في بسط الأمن واعادة الاستقرار والهدوء الى ربوع المدينة، ونشر الجيش اللبناني والقوى الامنية داخل مناطق النزاع وليس على اطراف الشوارع حتى يتمكنان من تثبيت الامن المفقود، ويمنعان أي تجدد للاشتباكات. خاصة وان الحكومة الطرابلسية الشكل والسورية التوجه، مسؤولة عما يجري اليوم في المدينة، كما انها مطالبة بمتابعة ملف الشبان الطرابلسيين الذي قتلوا في سوريا، لمعرفة من ورطهم؟ ومن ضللهم؟ ومن نصب لهم هذا الكمين السياسي؟ ومن حثهم على الجهاد؟ وما علاقة فلول فتح الاسلام في هذه القضية؟
لا يجوز بعد اليوم السكوت عن اهانة كرامة الطرابلسيين والشماليين بسبب الانتماء السياسي، كما لا يجوز ان تبقى طرابلس مسرحا لاشتباكات عبثية هدفها فقط اخضاع المدينة وترهيب سكانها. آن الأوان لنرفع الصوت عاليا امن طرابلس واستقرارها ومصلحة شعبها فوق الجميع.