بين جسر الأخوان المنتصر و محور ايران سوريا المنهزم – زياد ضاهر


انه الامتحان الثاني الذي يقف امامه الرئيس مرسي ومن ورائه تجربة الاسلاميين او بشكل أدق تجربة الاخوان المسلمين في الحكم بتاريخها الطويل، و ما سيرسم لها من مستقبل مرتبط حتما بما ستنتجه تجربه مرسي، والواضح بأنه ماض بتصميم على ما أتخذه من قرارات، وبذلك يحاول تثبيت دعائم حكمه و اظهار صلابه و قدره على مواجهه التحديات الداخلية رغم حداثة عهدهم بالحكم وشؤونه.




الامتحان الاول كان في الملفات الخارجيه والدور الاقليمي للاخوان وتجلى في معركة غزه، حيث اثبت المصريون حضورهم وتأثيرهم من حيث الاداء وادارة الازمه، فأنتجت اتفاق تهدئه طويل الامد كان عماده الفرصه التي اعطتها حماس لمصر في لعب دور الوسيط وهي بالمناسبه لا خيار آخر لها في العود الى المحور السوري الايراني على اساس أن هذا المحور في مرحلة "جر خيباته "في المنطقه ، اما حماس فهي في ما يشبه مرحلة بناء الجسر الاخواني من تونس الى سوريا مرورا بليبيا و مصر وبناء عليه اصبحنا مستعدون لتقبل رئيس للسلطه الفلسطينية من حركة حماس فهذه احد نتائج معركة غزة.

ان المتغير الحقيقي في العالم العربي اليوم بعد الثورات العربيه انها انتجت حكومات لاسلاميين و خطاب اسلامي يحاكي القضايا العربيه وخاصة المركزيه منها ، حيث انه مرشح ليقوم بدور "وظيفي" في المواجهة والتصدي للمشروع الايراني، لنصبح امام معادله ان لا يمكن ايقاف طموح ومشروع ايران "الشيعية" الا بمشروع "سني" في المقابل، فأصبحنا امام مواجهه بين سنيه سياسيه من جهة و شيعيه سياسيه من جهة أخرى…. هنا السؤال الكبير هل هو توازن في الدور والحضور ام هو اصطدام حتمي حاصل لا محاله ؟

لا شيء مؤكد، نحن في صدد التكون لازمة ربما تنفرج في لحظة ما لسبب ما ولكن الاكيد اننا في اتجاه واضح لفرض معادلة التوازن في المنطقه على اسس دينيه ومذهبيه ،وهنا الخطوره، فهذا الاتجاه هو نهاية للربيع العربي الذي جاء ليبني ديمقراطيه عربيه و حريه وحقيقية فهذه مسؤوليه كبيره تقع على عاتق الاسلاميين وتجربتهم في الحكم، و ايضا هذا الاتجاه يجعل المنطقه قائمه على فوهه بركان اذا انفجر انتج تقسيم لكل الدول التي تحمل في تكوينها الوطني تنوع طائفي.

هنا يطالعنا سؤال حول دور لبنان او مصيره، وهذا ما يمكن ان يفتح عدة احتمالات:

اولها ان الصراع السني الشيعي يتجه الى التصعيد فهو موجود ولكن تصعيده بشكل دراماتيكي مؤجل ارتباطا بمجريات الصراع في المنطقه وخاصة في ما يتعلق بسوريا ومصير النظام، وهنا ارتهن قرار الاستقرار بالخارج.

ثانيها ان يلعب المسيحييون دور اساسي في ردم الهوه بين السنه والشيعه ولكن هذا ا يتطلب موافقه من الاطراف المتصارعه على ان يكون للمسيحيين دور في هذا، وبذلك نكون امام فرصه المسيحيين للعب دور تاريخي و تقديم تجربتهم على ان وجودهم غير مرتبط بالاعداد بقدر ما هو مرتبط بالدور والرساله.

ثالثها الاعتدال الوازن الذي سيحول الصراع، بوجوده الحقيقي في السلطه، الى صراع سياسي و يبقيه في اطار المقبول تحت سقف حفظ الأمن والاستقرار، نظرا لمكونه الطبيعي انه طرف غير مسلح و نقطة نهايته في السياسه تكون من خلال تحوله الى تنظيم مسلح، فما تتطلبه المرحله هو اعتدال وازن له ثقله على الأرض شعبيا و تأثير سياسي ليتمكن من صنع معادله تستمر ، فاءسقاط حكومة سعد الحريري وما قبلها وما بعدها من ممارسات "اظطهاديه" سياسيا ، ومحاولات عزل و اخراج من السلطه، عدى عن عمليات الاغتيال ابتداء من الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى اللواء الشهيد وسام الحسن كل ذلك كون ارضية خصبه لتوتر واحتقان سني يقابل سيطره شيعيه متمثله بحزب الله و تحكمه بمفاصل المرحله السياسيه. وهنا يأتي الحديث عن خيار السلم الأهلي الذي يحتاج الى ان تتوقف عملية الاقصاء والابعاد عن الحكم لفئة من اللبنانيين و تتطلب خطوه الى الوراء من حزب الله المحرك الحقيقي للمرحله السياسيه ليعاد تشكيل حكومه ازمه تعالج الازمات الاقتصاديه و تضع سياسه استيعاب للمجموعات المتوتره التي نشأت خلال المرحله الماضية، وزيادة منسوب الاطمئنان الداخلي و اعادة الدفئ الى العلاقات اللبنانية العربية وخاصه الخليجية .

ان الخيار الثالث يتحقق بعودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان ، فمشاركتة في السلطه هو صمام الأمان و الضمانه لتحييد لبنان والا سنكون امام ازمة شديدة الخطوره تهدد بما لم نجربه يوما من اقتتال مذهبي او تقسيم يكون فيه الكلمة للتشدد والتطرف… وعندها سيكون لبنان مرشحا بشده لان يكون ساحة جديده لتنفيس احتقان الصراع بين جسر "الأخوان " المنتصر في غزه و "محور ايران سوريا" المهزوم في دمشق .