وليد فخر الدين لبيروت أوبزرفر: حركة اليسار الديمقراطي هي نقيض الحزب الشيوعي الواقع تحت سيطرة حزب الله وسوريا


 




حاوره مسعود محمد – بيروت أوبزرفر

اعتبر أمين سر حركة اليسار الديمقراطي الدكتور وليد فخر الدين أن الحركة تأسست لضرورة وجود تيار يساري علماني لبناني التوجه عابر للطوائف، ونتيجة لتخبط الحزب الشيوعي اللبناني وابتعاده نهائياً عن الهم الوطني اللبناني وتحوله الى تابع لقوى الأمر الواقع السوري وتبعيته له وانخراطه بالكامل بمشاريع الممانعة ووقوعه تحت سيطرة حزب الله وسوريا

ورأى في مقابلة مع بيروت أوبزرفر، أن الحركة هي مكوّن مؤسس من مكونات ١٤ آذار، وقد عارضت الإتفاق (الحلف) الرباعي، وانتخاب الرئيس بري رئيساً للمجلس النيابي، وعارضت إتفاق الدوحة ومفاعيله وحجبت الثقة عن أول حكومة بعد إتفاق الدوحة، ورفضت صيغة الـ "س – س"، وبالتالي بقيت الحركة محافظة على موقعها كضمير ١٤ آذار وعلى مبدأ الشفافية والوضوح في التعاطي مع الشعب اللبناني للعبور إلى بناء الدولة المدنية القادرة

وأشار إلى أن الحركة هي نقيض الحزب الشيوعي بالسياسة والإنتماء السياسي ورؤيتنا لأي لبنان نريد، فالحزب الشيوعي هو جزء من المحور الإيراني – السوري، بينما نحن جزء من الرأي العام السيادي والإستقلالي

وفيما يلي نص المقابلة الكامل

 

أين حركة اليسار الديمقراطي اليوم؟ وماذا تبقى منها ومن مشروعها

تأسست حركة اليسار الديمقراطي لضرورة وجود تيار يساري علماني لبناني التوجه عابر للطوائف، ونتيجة لتخبط الحزب الشيوعي اللبناني وابتعاده نهائياً عن الهم الوطني اللبناني وتحوله الى تابع لقوى الأمر الواقع السوري وتبعيته له وانخراطه بالكامل بمشاريع الممانعة ووقوعه تحت سيطرة حزب الله وسوريا. كما هو معلوم أن إلياس عطاالله الرئيس الحالي لحركة اليسار الديمقراطي كان عضو قيادي في الحزب الشيوعي وهو كان متزعماً للخط المواجه لسوريا في القيادة ورافضاً لهيمنتها على الحزب والمقاومة الوطنية اللبنانية، ومن المعروف أنه كان قد أبعد بإيعاز من النظام السوري الى موسكو مع زياد صعب قائد القوات العسكرية للحزب الشيوعي حينها وعضو لجنة الحزب المركزية، وأبقي فيها بشبه إقامة جبرية لإنهاء ملف المقاومة في الحزب وتحويلها الى إسلامية بقيادة حزب الله بإشراف سوري – لبناني بعد ترويض حزب الله على أثر مجزرة ثكنة فتح الله في البسطة. على جبهة أخرى كانت قيادة الحزب الشيوعي قد دخلت بحالة تصفية للتنظيم القائم وتطويعه للموافقة على خططه بالإلتحاق الكامل بالمحور السوري – الإيراني فتم فصل عدد كبير من الشيوعيين بمن فيهم قياديين كبار مثل مسؤول التنظيم الأستاذ غسان رفاعي، والمجموعة الشبابية للطلاب في الحزب (طلاب شيوعيون) وكان من ضمنهم نائب أمين سر الحركة الحالي عمر حرقوص. في ظل هذا الوضع كان لا بد من تأسيس تيار علماني يساري عابر للطوائف يعمل بعكس التوجهات الطائفية في البلد يؤسس للبنان الوطن وليس لبنان المزارع الطائفية، فكان التأسيس لحركة اليسار الديمقراطي

مرت الحركة بمرحلتين: مرحلة التأسيس وأخذت زخماَ في شارع اليسار وقدمت نموذجاً وطنياً وقدمت شهيدها الكبير سمير قصير على محراب الوطن. وأستطيع الإدعاء أن أحد أسباب اغتيال الشهيد حاوي هو تقاربه مع هذا التيار مما شكل إستفزازاً لسوريا التي كانت تعمل على جعل اليسار اللبناني تابعاً لحزب الله وبالتالي هو أيضاً شهيد اليسار الديمقراطي بهذا المعنى

 

بسبب الإغتيالات التي تعرضت لها قيادات ١٤ آذار وعدم وجود القدرة على الحركة بسهولة لم تستطع حركة اليسار الديمقراطي العمل بفعالية شعبية على امتداد خريطة الوطن مما أدى الى انكماش جمهورها. في المؤتمر الأخير للحركة قررت قيادة الحركة ضخ دماء شابة في القيادة للعمل لإعادة لمّ الصفوف، وبلورة برنامج عمل، يناسب المرحلة وقادر على إعادة تجميع التيار اليساري العلماني في البلد ضمن الإطار الوطني العام بإطار شعارات ١٤ آذار التي هي الحرية والسيادة والإستقلال ومشروع بناء الدولة. ونحن اليوم بدأنا حوار داخلي يمهد لإعادة إطلاق الحركة بزخم وطني

 

كيف هي علاقة الحركة بـقوى 14 آذار والأمانة العامة

نحن مكون مؤسس من مكونات ١٤ آذار ونعتبر أنفسنا أم الصبي، وكنا بمقدمة من نزلوا الى الساحة. نحن ممثلون بقيادة ١٤ آذار برئيس الحركة إلياس عطاالله وبالأمانة العامة لـ١٤ آذار بأمين سر الحركة وليد فخرالدين. ونعمل على إطلاق دينامية تبقي ١٤ آذار بقلب الحدث وتحافظ على إنجازات الرأي العام الـ١٤ آذاري، وتخرجه من التناقضات التي يمكن أن تؤثر على أدائها وتباعدها عن جمهورها. ١٤ آذار هي وجدان وحس شعبي قبل أن تكون أحزاباً وشخصيات ولا يمكن إختزالها أو تجاوزها. نعتبر أن مهمتنا الأساسية في ١٤ آذار بغض النظر عن حجمها الشعبي هو الحرص على عدم انحراف ١٤ آذار عن التوجه الإستقلالي وتوجه بناء الدولة، ونقوم بلعب دور المشاغب الذي يرفع الصوت حين نشعر أن دور ١٤ آذار سيتراجع بشكل أو بآخر عن هذه الثوابت

كما نذكّر بأن الحركة عارضت الإتفاق (الحلف) الرباعي، وانتخاب الرئيس بري رئيساً للمجلس النيابي، وعارضت إتفاق الدوحة ومفاعيله وحجبت الثقة عن أول حكومة بعد إتفاق الدوحة، ورفضت صيغة الـ "س – س"، وبالتالي بقيت الحركة محافظة على موقعها كضمير ١٤ آذار وعلى مبدأ الشفافية والوضوح في التعاطي مع الشعب اللبناني للعبور إلى بناء الدولة المدنية القادرة

 

كيف هي علاقة الحركة بالحزب الشيوعي

نحن على نقيض الحزب بالسياسة والإنتماء السياسي ورؤيتنا لأي لبنان نريد، فالحزب الشيوعي هو جزء من المحور الإيراني – السوري، بينما نحن جزء من الرأي العام السيادي والإستقلالي

كما يوجد خلاف كبير فيما يتعلق بموضوع إسقاط النظام السوري، فنحن مؤيدون للثورة السورية، وندعم ثوار سوريا سياسياً، ومع إسقاط ذلك النظام المعتدي المغتصب الدكتاتوري. إلا أننا على علاقة جيدة مع حركة إنقاذ الحزب الشيوعي المعارضة لقيادة الحزب، كما كنا مع الربيع العربي وثرواته منذ اللحظة الأولى

نحن نرى أن الديمقراطية في المنطقة العربية هي السبيل الوحيد الى تطور هذه المنطقة وإعلاء شأن الفرد فيها

 

هل لدى إلياس عطاالله تأثير معنوي على دور وموقع الحركة

إلياس عطاالله قاتل إسرائيل وسوريا. هو مؤسس جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وبقلب المعركة مع النظام السوري

إلا أن الجميل بإلياس عطاالله واقعيته، فهو تنحى من موقع أمانة السر للحركة طواعية وفتح الباب أمام جيل الشباب لتبؤ مراكز قيادية في الحركة، ويحرص على استكمال الحوار مع المقاطعين للحركة وتوسيع قاعدتها

 

قلتم في آخر بيان للحركة "كما ترى الحركة أنه أصبح من الضروري العمل على توحيد جهود كافة الديموقراطيين والعلمانيين واليساريين في إطار جبهوي لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة للخروج برؤية واضحة لمستقبل لبنان والمنطقة على طريق بناء الدولة المدنية القادرة والعادلة". كيف ستعملون على تأسيس تلك الجبهة وما هي توجهاتكم

في الذكرى الثانية لإستشهاد جورج حاوي كتب السيد هاني فحص: "قتل جورج حاوي بعدما تجمعت لديه سلة من الحقائق جعلت خطابه وسطياً إعتدالياً تسووياً، لا بمعنى التلفيق، بل بمعنى الرؤية الموضوعية الشاملة للحقائق والوقائع والمؤشرات. ما أهّله لان يكون مشروع حل لأزمة الحزب الشيوعي اللبناني التي كان هو أحد اسبابها، وهذا مسلك يتعدى الحزب إلى كل الحياة والحركة السياسية في لبنان والعالم العربي. وعلى هذا الأساس عجلوا بقتله، قتل بين مقتل الحريري وسمير قصير وبين مقتل جبران تويني، لأنه كان ذاهباً إلى مكان وسط بين الحزب الشيوعي وبين مجموع ما تمثله هذه الأسماء من مراجعات ونزوع نحو الإعتدال والوسطية وترى التسوية مدخلاً إلى مشروع وطني تأخرنا عن إنجازه لأسباب وطنية شبه وثنية وأسباب أممية شبه خرافية". وكتب أيضاً يقول في جورج حاوي: بكلمة.. قتل جورج حاوي لأن خياره الأخير والنهائي قد أصبح لبنان أولا، كياناً ودولة وإجتماعاً

وكتب الصحافي الصديق يوسف بزي بالذكرى السادسة لإغتيال رفيقي وأحد مؤسسي ومطلقي حركة اليسار الديمقراطي سمير قصير: لم يتنبأ سمير قصير بـ" ربيع العرب"، قاتله هو الذي عرف به وتنبأ. لذلك كان الإغتيال. الآن بعد ست سنوات نتيقن أكثر بأن الذي قتل قصير أدرك (بذكاء شرير) خطورة الذي كتب "الشقاء العربي". خطورة حلم علني بات اليوم كابوساً لأنظمة الإستبداد في العالم العربي

في الذكرى السادسة لغيابه، تبدو سنة 2011 الأكثر إستحضاراً لسمير قصير. فهي السنة الإعجازية في التاريخ العربي. فالربيع الذي بشّر به الشاب اللبناني (الفلسطيني السوري) في بيروت، وتجرأ على تمنّيه في دمشق، تفتحت براعمه في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، وبشائره لا تستثني بلداً عربياً واحداً، على نحو تحول فيه الشقاء العربي إلى "يقظة" حرية وتحرر قد لا توازيها سوى حال "النهضة" في أواخر القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين

أدرك قصير مبكراً أن "ثورة الأرز" مهددة بالثورة المضادة، وإن انتفاضة 14 آذار 2005 تعاني من كابح ذاتي سببه عدم قدرة الإئتلاف الطوائفي على تجاوز بنيته الطائفية، وميل الجمهور العريض إلى تكريس الزعامات التقليدية. أدرك أن إخفاق ثورة الأرز في تقديم نخبة شبابية "تستولي" على القيادة السياسية، بقدر ما تطيح بالولاءات التقليدية وتغادر طوائفيتها، سيكون إخفاقاً للثورة كلها. وهذا بالضبط ما يعتري اليوم حركة 14 آذار. فالثورة المضادة نجحت إلى حد بعيد في إعادة المجتمع اللبناني إلى تمترسه الطائفي، بل وأضافت بعداً مذهبياً جديداً للنزاعات اللبنانية، كما نجحت في تعطيل "الإستقلال الثاني" عبر تمكين النظام السوري من إستعادة الكثير من وصايته، وأفلحت في الإستيلاء الأمني والسياسي على الحياة العامة، وحاصرت الدولة واقتحمتها وقوضت أركانها إلى حد أن لبنان اليوم عاد إلى الحال التي كان عليها عام 1988، حين حلّ الدمار بالدولة والعمران والمجتمع والإقتصاد، فذهب الجميع محطماً إلى "اتفاق الطائف" عام 1989 بحثاً عن جمهورية جديدة

من هنا أقول أن على يساريي لبنان وديمقراطييه السعي الى إعادة ثورة الأرز الى مسارها الحقيقي وإنقاذها من براثن الطائفية والدفع بإتجاه العبور نحو الدولة المدنية الديمقراطية والتأكيد على أن الهدف هو لبنان أولا ودعم الديمقراطيات في العالم العربي والثورات الشعبية وصولاً إلى تحقيق الحلم بالإنسان اللبناني والعربي الديمقراطيين الحرين القادرين على إنتاج مجتمع حر بعيد عن التزمت والأصولية بشقيها الديني والطائفي والقومي المنغلق. من هنا يبدأ الحوار

 

هل ستشركون بالحوار كل قوى اليسار

نحن نرحب بكل من يجد بنفسه القدرة على الانفتاح على الآخر وتقبله باختلافه والقدرة على الحوار للوصول الى قواسم مشتركة

 

كلمة أخيرة

الحوار أساس، الشعوب لن تقبل أقل من حريتها بعد اليوم، لبنان أولاً وأخيراً