تؤكد مصادر في المعارضة أن "حزب الله" يجتاز أزمة عميقة ناجمة عن انهيار حليفه النظام السوري، ذلك الانهيار الذي تظهر حتميته يوميا، وتسجيل هذا التأزم ليس استنتاجا، بل هو معلومات من داخل الحزب تؤكد أنه يعرف أن نظام بشار الاسد ساقط، وان الحزب يطرح على نفسه سؤالا: وماذا بعد؟!
وتضيف المصادر لصحيفة "الأنباء" الكويتية : ان التحول السوري الراهن ـ المقبل عنوان إستراتيجي يطوّق حزب الله. ولا يستطيع الحزب التقليل منه أو القفز فوقه باعتبار ان العلاقة بنظام الاسد مكوّن عضوي للحزب، ولفت الى أن تفكك أوصال الدولة السورية وانزلاقها التدريجي نحو الانهيار الكامل سترتد أول انعكاساته على الحزب، ان على مستوى نفوذه وهيمنته على القرار الوطني المركزي، أو لجهة قدرته على مواصلة استئثاره بقرار الطائفة الشيعية.
واعتبرت أن قوة الحزب ليست متأتية من سلاحه، إنما من وظيفته الإقليمية والدعم الإيراني والسوري له، وانتفاء هذه الوظيفة بعد انهيار حليفه السوري سيحوله الى مجرد لاعب داخلي.
وتوقفت المصادر في سياق متصل، أمام النداء الوجداني الأخير للرئيس نبيه بري وكلامه التوصيفي عن الواقع المزري الذي وصلت اليه البلاد وتأكيده أنه «ليس من حاضن للجميع سوى الدولة على رغم القصور والتقصير»، مشيرة الى أنه لا يجوز إطلاقا المقارنة بين أداء رئيس مجلس النواب بالأمس واليوم من دون الأخذ في الاعتبار التحولات الحيادية، والظروف هي التي تحدد دور بري ووظيفته على غرار دور غيره من اللاعبين، إذ ان المعطيات والمستجدات هي التي تفرض التموضع بهذا الاتجاه أو ذلك، فرئيس المجلس كان خاضعا للتأثير السوري وبدأ بالتحرر التدريجي منه، فيما رئيس الجمهورية تحرر نهائيا من هذا التأثير.
المصادر رأت أن مواقف بري الاخيرة ينطبق عليها المثل القائل «عند تغيير الدول احفظ رأسك». موضحة أنه يسعى الى تمييز نفسه عن السياسة السورية القائمة على تفجير لبنان والى التميز عن حزب الله من أجل أن يرث في السياسة والرأي العام اللبناني ما فقده الحزب، عند المسيحيين والسنة والدروز وبعض الشيعة من صدقية نتيجة لخطأ رهاناته على النظام السوري في لبنان والمنطقة.
ولفتت المصادر الى أن بري الذي ارتكز في الوصول الى السلطة وبقائه في موقعه لسنوات طويلة، على نفوذ سورية في لبنان، بدأ يشعر بأن النظام السوري الذي لم يعد قادرا على الإمساك بالأوضاع في سورية، لن يكون قادرا على الحفاظ على مواقع حلفائه في لبنان في المستقبل القريب، لذلك بدأ في استدارته السياسية.
وأشارت الى أن بري سيكون أكثر المستفيدين من تراجع حضور "حزب الله" ونفوذه، معتبرة أن العمل الاستراتيجي لرئيس مجلس النواب عربي وليس إيرانيا، ومصلحته المباشرة مرتبطة بالدولة اللبنانية، كما أن مصلحته تشكيل شبكة أمان للطائفة الشيعية في المرحلة المقبلة.