حاوره زياد علوش
رأى النائب في كتلة المستقبل النيابية عن عكار نضال طعمة أن المشهد الفرنسيّ هو الوحيد في العالم الغربيّ اليوم الّذي يختصر أصول الحياة الدّيمقراطيّة، وما يؤسف حقّا أنّ منابع قيمنا الشّرقيّة تؤهّلنا أكثر من غيرنا لنكون رواداً في احترام الآخر، والاحتكام إلى إرادة النّاس، والتّسليم بها، وعوض أن نكون أمناء لهذه القيم الجميلة راح حكّام الشّرق يستبدّون ويظلمون ويقهرون، وما تركوا لشعوبهم خيارا سوى ان يكسروا جدار الصّمت والخوف والخنوع بأجسادهم الطّريّة، فاصطبغ ربيعهم بأحمر الحريّة
طعمة وفي مقابلة مع بيروت أوبزرفر أمل أن يكون هذا الحراك التّغييري على مساحة الوطن العربيّ مدخلا للدّيمقراطيّة الحقيقيّة، الّتي تدفع الشّعوب اليوم ثمنا باهظا لتستحقّ الحصول عليها
وعن الخطاب الأخير لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري في ذكرى 7 أيار اعتبر طعمة أن الخطاب كان جديدا في مدلوله الميدانيّ حيث انّه يؤسّس لمرحلة جديدة على الأرض لا مسايرة فيها لأحد، ولا مساومة مع أحد. فقد أثبتت التّجارب الماضيّة أنّ كلّ تنازل كانت تقدّمه قوى الرّابع عشر من آذار بهدف الوصول إلى تسوية توافقيّة في البلد، كان يستغّل من الطرف الآخر. مسؤوليّتنا الوطنيّة تحتّم علينا المواجهة في كلّ الملفّات. وكمّا أكّد الشّيخ أن لا فتنة بين السّنة والشّيعة، ولعلّه الأقدر على تقديم مثل هذه الضّمانة، وهو الرجل الوطنيّ الّذي لا يبني خياراته السّياسيّة على الفتن والتّحريض، بل على الحقّ والعدالة
وعن إستحضار النائب ميشال عون شعارات قديمة تمهيداً للإنتخابات النيابية قال: يا ليت الجنرال عون يعود إلى أدبيّاته الّتي شكّلت له رصيدا شعبيّا كبيرا في البلد، ويا ليته يعود إلى مواجهة الأنظمة المستبدّة والظّالمة. وأتمنّى أن يتسامى الجنرال عن الشّخصيّ، والنّفخ في الأبواق الطّائفيّة والتّحريضيّة. فنحن نتفاعل مع مجموعات من مؤيّديه، وحريّ بنا أن نتحاور في الفكر والسّياسة، لا أن نتلهّى بكيديّات واتّهامات. وعندما يكون خصمك ديمقراطيا ملتزما المعايير الأخلاقيّة تجد نفسك أمام حالة تدفع البلد إلى الامام عوض التّأزيم والتّعطيل
وفي سؤال عن إمكانية تبدل مزاج الناخب المسيحي أجاب: الإجابة عن هذا السؤال تتطلّب دقّة ودراسات ميدانيّة . وإن كان بعضها يشير إلى تقدّم بسيط في بعض المناطق لصالح قوى الرّابع عشر من آذار، وإن كان كذلك فوز قوى الرّابع عشر من آذار في بعض البلديّات الصّغيرة ولا سيّما المسيحيّة منها، يشكّل مؤشّرا ما، إلا أنّه في المطلق، لا أظنّ ان تغييرا كبيرا يمكن أن يرصد، فمعظم الرّأي العام اللّبنانيّ يبدو أنّه تأطّر وجمد، وهناك صعوبة كبيرة في تغييره بشكل جذري، وهذه ظاهرة عامّة لا تخصّ المسيحيّين فقط. وهنا أتمنّى أن نصل إلى وقت لا نضطر فيه للحديث عن ناخب مسيحي وناخب سنيّ وآخر شيعيّ. خلاص هذا البلد عندما نصبح كقوى سياسيّة في أيّ موقع كنّا، نهتّم بخيار النّاخب اللّبنانيّ بغضّ النّظر عن انتمائه الطّائفيّ
وعن وصف قوى 14 آذار الحكومة بالميتة لكن الدفن لم يتم حتى الآن وفيما إذا كانوا يخشون الفوضى كبديل، رأى طعمة أن أهل الفقيد أولى بإعلان مراسم الدّفن، مضيفاً أننا لسنا وحدنا من يعتبر الحكومة ميتة، فقد سمعنا أصواتا لقوى أساسيّة في الحكومة تصفها بحكومة تصريف الأعمال. ومن المؤكّد أنّ أيّ بديل هو أفضل من هذه الفوضى المقنّعة الّتي تفرضها الحكومة على كلّ اللّبنانيّين. ونأمل ألا يكابر آل الفقيد أكثر لأنّ صبر اللّبنانيّين قد عيل، وكلّ الأثمان الّتي يمكن أن تدفع ستبدو زهيدة مقابل الاستمرار في ضرب الاقتصاد الوطنيّ وتقويض مقوّمات قيام الدّولة. ومن الأساس كنّا نرفض ربط الملفّ اللّبنانيّ بأيّ ملفّ إقليميّ، وما زلنا نرفض أن يخطف لبنان رهينة بانتظار جلاء الموقف في سوريا. للسّوريين أن يقرّروا مصير بلدهم بكلّ حريّة، وعلينا أن نصون بلدنا من كلّ المخاطر، وتبقى علاقات حسن الجيرة في إطار سيادة البلدين قدرا لمصلحة واستقرار كلّ منهما. وأمام الحكومة الجديدة المنتظرة استحقاقات كثيرة، وأهمّها الإشراف على الانتخابات في البلد، ونحن نتمنّى أن تحصل هذه الأخيرة في ظلّ حكومة تمثّل الشّعب خير تمثيل. ولكن كي نكون واقعيين في السّياسة، نطالب بحكومة تكنوقراط، وليقل اللّبنانيون كلمتهم في الانتخابات، فتنطلق مسيرة تصحيح المسار بعد ذلك.
وحول ربط الأزمة الماليّة العامّة بتمويل المحكمة خاصّة أنّ الرّئيس السّنيورة طرح الحلّ المناسب للجدل المثار حاليّا في مسألة الإنفاق، قال طعمة أن
هذا السّؤال يتضمّن بشكل غير مباشر أحد السيناريوهات المحتملة لما تفكّر به قوى الأمر الواقع. ولكن ممّا لا شكّ فيه ان ثمّة تباينات في وجهات النّظر بين فخامة الرّئيس الّذي يوظّف صلاحياته في إطار المحافظة على الدّستور، وبين قوى تريد أن تنتقي حلولا على مقاسها في الإنفاق المالي، لتتضّح معالم كيديتها السّياسيّة. ونتساءل ما سرّ الصّحوة المتأخّرة، لتأهيل المركز المهجور لمجلس الوزراء في المتحف، في ظلّ ضائقة ماليّة وبحث عن سبل الإنفاق
وعن مقاربة الملفّ الانتخابيّ لناحية القانون والتأجيل والتّحالفات قال: نحن مع صياغة أفضل القوانين للبلد، وليأخذ هذا النّقاش مداه، ولتشرك به كلّ قوى المجتمع الحيّة. وإذا كنا متّفقين كلبنانيّين أن المعايير الدّيمقراطيّة هي الّتي تحدّد الخيار الامثل لأي قانون نريد. فإنّ هذه المعايير تفرض مسلّمتين نفتقدهما بشكل أساسيّ. المسلّمة الأولى هي حيادية الجهة المشرفة على الانتخابات، وهنا نؤكّد أنّنا لا يمكننا وبأيّ شكل من الأشكال ان نسمح لحكومة غطست في الكيديّة السّياسيّة حتّى أذنيها، أن تشرف هي على الانتخابات. والمسلّمة الثّانية هي أنّه يجب ألاّ يتعرض النّاخبون إلى الضّغط والتّرهيب. وإذا كان السّلاح المصوّب إلى صدور النّاس ليس ترهيبا فليحدّثونا عندها عن نسبيّة أو غير نسبيّة قد تكون مناسبة لهم بشكل ظرفيّ. وهنا نقول أيضا أنّنا لن نسمح لهم في أن يضعوا يدهم على البلد لا بإسم النّسبيّة ولا بإسم غيرها
وفي سؤال عن إمكانية أن يكون 7 أيّار شعار 14 آذار الإنتخابيّ رد طعمة أن السّابع من أيّار محطّة مفصليّة في تغيير نهج رؤانا وقناعاتنا وبالتّالي مسلّماتنا الانتخابيّة. لم يعد مقبولا تقديم شرعيّة لسلاح لا ندري متى يقرّر حامله ان يوجّهه إلى صدورنا. السّلاح إشكاليّة كبرى في البلد، ولكن ليس في ان يوجّه إلى إسرائيل. فنحن لا نطلب ضمانات للعدو. إنّما نلخّص الإشكاليّة في نقطتين أساسيّتين وهما الوجهة والقرار. إلى أين يوجّه هذا السّلاح؟ ومن يقرّر ذلك وكيف ومتى
وحول مطالبة البعض بجبهة واسعة للتّصدّي لإخفاقات الحكومة كبديل عن 14 آذار رأى أن التّصدي لهذه الحكومة ليس بحاجة لا إلى جبهة واسعة ولا أخرى ضيّقة. وعندما يقرّر أولياء الأمر توقيف الضّخ الاصطناعي سيتداعى جسد الحكومة من تلقاء ذاته. ولكن ورشة ما بعد الحكومة هي بحاجة إلى تضافر الجهود، ونحن مع ابتداع أشكال جديدة تحاول أن تجمع الهمم وهذا ليس تخلّ عن 14 آذار. فمسلّمات ثورة الأرز تبقى الأساس الذي تنطلق منه كلّ أشكال التّجديد