بين الوسطية و”هيك وهيك”! – سمير منصور – النهار






كان رئيس الحكومة الراحل الحاج حسين العويني متميزاً بعبارة كلما ذكرت تنسب اليه وهي: "هيك وهيك"، بمعنى التوازن في السياسة والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وبمعنى آخر "الوسطية". وكانت تلك العبارات تختصر نهجا اعتمده "الحاج حسين" في حياته السياسية.


كان ذلك اواخر الخمسينات واوائل الستينات، ويقول سياسيون عاصروا تلك المرحلة انهم غالباً ما يتذكرونه هذه الايام من خلال مواقف كثيرة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يستلهم الوسطية في نهجه السياسي، وهي تبدو في معظم الحالات اقرب ما تكون الى سياسة "هيك وهيك" بمعناها الايجابي، وقد استطاع في محطات كثيرة تجاوز "الحاج حسين" بأشواط اذ تمكن من تجاوز الكثير من المطبات السياسية، وقد يأتي يوم تصبح فيه هذه العبارة منسوبة الى "الحاج نجيب" بدل "الحاج حسين" لصعوبة مطبات هذا الزمن وتعقيداتها مقارنة مع مثيلاتها زمن الخمسينات والستينات.


وفي الشأن الداخلي، تنسحب هذه السياسة على رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الذي يقف في منزلة بين منزلتين: غادر قوى 14 آذار ولم ينضم الى قوى 8 آذار، وإن يكن تحوّله في لحظة سياسية معينة احدث انقلاباً جعل الاقلية النيابية اكثرية وبالعكس.


وقد استطاع مع الرئيس ميقاتي، ولاحقا في الحكومة مع الرئيس ميشال سليمان استيعاب توتر بلغ ذروته بعد اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، واستحداث كتلة وسطية فرضت ما يشبه التوازن بين اطراف نزاع داخل الحكومة!


وفي الشأن الحكومي ايضا، بدا الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير اقرب الى هذا "التحالف"، فقد كان موقفه من الحكومة اقرب ما يكون الى سياسة "هيك وهيك"، وذلك بعبارات حاول من خلالها ارضاء الجميع ولاسيما حليفه رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون، وفي الوقت نفسه الرئيس ميقاتي، ومن هذه العبارات: "نحرص ما امكن على عدم انتقاد الحكومة، وهذا لا يعني أن لنا موقفاً مختلفاً"، و"الحكومات تأتي بالسياسة وتذهب بالسياسة"، ليخلص الى التأكيد ان "الحكومة مستمرة".


ومن خلال هذا المشهد السياسي يبدو واضحاً أن الجميع متفقون في مكان ما على حاجة لبنان الى اعتماد سياسة "هيك وهيك" التي تنأى بلبنان ما امكن عن اي تداعيات لما يجري في بعض دول المنطقة ولاسيما في سوريا…