تتحدّث بعض التسريبات عن سيناريوهين سيدفعان إلى تأجيل الانتخابات النيابية التي ترى بعض القوى أنّ لها مصلحة في هذا التأجيل متذرّعة بالأزمة السوريّة وحساسيّة الأوضاع اللبنانيّة ربطاً بهذه الأزمة.
فالسيناريو الأوّل الذي يتمّ التداول به يتّصل بالحكومة من زاوية دفعها في الوقت المناسب إلى الاستقالة وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال. وهذا القرار هو بيد "حزب الله" حصراً باعتباره كان وراء تشكيلها وهو ضابط إيقاعها ويعمل على التوفيق بين مكوّناتها التي يمنحها من جهة حقّ المناورة السياسية، ويمنع عليها من جهة أخرى الاستقالة.
ووفق أصحاب هذا السيناريو، فإنّ حكومة تصريف أعمال غير مخوّلة إجراء الانتخابات النيابية أو الإعداد لها وتنظيمها والإشراف عليها، حيث يجب أن تكون الحكومة التي تتولّى هذه المهمّة حكومة أصيلة، أكانت انتقالية وظيفتها إتمام هذا الاستحقاق الدستوري، أو وحدة وطنية أو غيرها، ولكن في مطلق الأحوال لم يسبق، أقلّه في دستور الطائف، أن أجريت انتخابات نيابية في ظلّ حكومة تصريف أعمال، الأمر الذي يشكّل سابقة من نوعها ومخالفة دستوريّة.
أمّا السيناريو الثاني الذي يتمّ الترويج أو الاستعداد له فيتّصل بعرقلة التوافق، عن سابق تصوّر وتصميم، داخل المجلس النيابي على طبيعة القانون الانتخابي العتيد، إذ إنّ عدم تمكّن هذا المجلس، نتيجة الانقسامات القائمة، من إقرار القانون الذي يفترض أن تجري على أساسه الانتخابات، يعني تعذّر إجراء هذه الانتخابات، بمعنى أنّه حتى قانون العام 1960 الذي جرت الانتخابات الأخيرة على أساسه يتطلّب إقراره مجدّداً من قبل المجلس، وعدم التوافق لا يعني السير به تلقائيّاً، والعرقلة هي مقصودة بطبيعة الحال، بهدف التمديد للمجلس الحالي. وكما في السيناريو الأوّل، كذلك في السيناريو الثاني لجهة أنّه لم يسبق، منذ بدء العمل بالدستور الجديد أقلّه، أن أجريت أيّ انتخابات من دون أن يكون المجلس قد أقرّ القانون المتّصل بها.
والمعرقل في السيناريوهين هو نفسه أي "حزب الله" الذي يخشى من نتائج هذه الانتخابات وتحديداً في البيئة المسيحيّة نتيجة وضع حليفه العوني، وارتدادها على واقع الأكثرية في مجملها التي ستؤول مجدّداً إلى 14 آذار التي تتحضّر للفوز من دون النائب وليد جنبلاط الذي سيكون مجرّد إضافة رقميّة عليها، الأمر الذي سيخوّلها تشكيل حكومة 14 آذارية تعوّض عبرها عن عجزها في ممارسة الحكم بين عامي 2005 و2011 مستفيدةً من الأزمة السوريّة التي عطلت نظام البعث الذي بات ليس فقط غير مؤثّر، إنّما دخل في موت سريريّ.
ولكن في المقابل ثمّة وجهة نظر دستورية-قانونية تقول بأنّ مبدأ استمرارية السلطة يفوق أيّ اعتبار آخر، خصوصاً أنّ القوانين وضعت لتسيير المرفق العام وعدم تعطيل الحياة السياسية، وعندما سيُصار إلى استخدامها واستغلالها بهدف تعطيل هذا الاستحقاق أو تجميد ذاك، فإنّ قوّة الاستمرارية تتغلّب على المحاولات التعطيلية.
ومن هنا فإنّ محطّة إجراء الاستحقاق النيابي قائمة بذاتها في ظلّ حكومة أصيلة أو تصريف أعمال، ولن تفلح محاولات تأجيله تحت عنوان نيابيّ أو حكوميّ، إلّا أنّ الخشية تبقى من دفع البلاد إلى حرب داخلية أو قلاقل أمنية من أجل إرجاء الانتخابات بذريعة الظروف القاهرة، خصوصاً أنّ هذه الانتخابات هي مصيريّة لكلا الفريقين، لأنّ فوز 8 آذار يعني تمديداً للأزمة الوطنية، فيما فوز 14 آذار يعني بداية الخلاص الوطني.