فيليب سالم لبيروت أوبزرفر :لن يكون هناك أي تدخل عسكري في سوريا أو إيران و النظام السوري سينهار إقتصادياً و سيضعف حزب الله


 




الولايات المتحدة – خاص – بيروت أوبزرفر

رأى المستشار الأسبق للرئيس الأميركي جورج بوش (الأب) والطبيب البارز والمفكر السياسي البروفيسور فيليب سالم، أن المواد التي كانت متواجدة لتفجير الربيع العربي موجودة لكن حائط الخوف بين المواطن والحاكم كان سميك جداً، وأنا لم أتوقع أن ينهار بهذا الشكل وبهذه السرعة، فبرأيي منذ ثورة الضباط الأحرار في مصر ومجيء جمال عبد الناصر وحتى يومنا هذا، كان هناك جدار من الصمت والخوف ولم يكن أحد ليتوقع أن ينهار بهذا الشكل

سالم وفي حديث خاص مع بيروت أوبزرفر، اعتبر أن أهم ما في الربيع العربي أن الشعوب العربية اكتشفت أن هناك أمراً آخراً غير "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وهو أن الإنسان نفسه يملك المقدرة على تقرير قدره بيده، فالإنسان العربي ومنذ الخمسينات كان مسلّماً أمره تماماً للقدر لكنه الآن قرر أن يرسم قدره بيده وهذا أمر مهم جداً

وعن الخوف من سيطرة الإسلاميين والمتطرفين بعد الربيع العربي، قال سالم أنه بالرغم من هذه المخاوف فهي تبقى شيء بسيط بالنسبة للوضع السابق حيث كان عبارة عن سجن كبير وحاكم واحد وشعوب مسطحة ليس لها أي رأي، على الأقل الآن أصبح بالإمكان محاكمة الحاكم وهذا أمر جديد في تاريخ العرب. وحتى ولو سيطر الإسلاميون فالشعب سيثور في وجههم من جديد ويقوم بتغييرهم. ما نراه الآن مفصلي وجديد تماماً عند العرب

وعن التدخلات الخارجية في الثورات العربية، اعتبر سالم أنه من المؤكد أن يكون هناك تدخلات خارجية، فالدول الكبرى وفي أي فرصة تسنح لها لتحسين وضعها في أي بلد كان، لا تتردد في إستغلالها، لكنني أعتقد أن الثورات في البلدان العربية لم تنشأ نتيجة لحظة غربية أو دولية أو كما نقول دائماً نحن في العالم العربي نتيجة مؤامرة أميركية أو حتى إسرائيلية. الربيع العربي بدأ بثورات عفوية طبيعية جاءت كردة فعل للمسجون العربي طوال سنوات طوال، فانفجر. ولاحقاً كان من الطبيعي أن تدخل الدول الكبرى على الخط لتحسين وضعها سواء أكان في مصر أو في ليبيا أو أي بلد آخر، فهذه هذه هي لعبة الأمم والمصالح والنفوذ وهذا أمر طبيعي، لكن من أطلق الثورة هو الإنسان العربي الذي ذاق الأمرّين على مدى السنين، وأكثر من ذلك، برأيي الثورة العربية هي أول ثورة حقيقية. هذه الثورة خالية من السياسيين والعسكر والنخب الفكرية، هي ليست ثورة فولتير أو روسو ولا ثورة عبد الناصر، هذه ثورة حقيقية قام بها الشعب نفسه

وحول الوضع في سوريا، نفى سالم إمكانية حصول أي تدخل عسكري خارجي، معتبراً أن سوريا تختلف جذرياً عن ليبيا. ففي حالة النظام الليبي السابق كان الإقتصاد قوياً وكانت الأموال "مكدّسة" عند العقيد معمر القذافي وكان من الصعب أن ينهار النظام إقتصادياً أي أن العقوبات لم تكن لتنفع، أما الوضع في سوريا يختلف تماماً والنظام برأيي سينهار نتيجة للوضع الإقتصادي، لأن الخناق على الوضع الإقتصادي سيؤدي إلى عدم تمكن الدولة من دفع الرواتب لموظفيها ولجيشها، لذلك سينهار دون أي تدخل عسكري

وأضاف سالم: عندما أتى بشار الأسد إلى الحكم في عام 2000، كان يريد الإصلاح لكن حراس النظام القديم أقنعه بأن البدء في الإصلاح سيؤدي إلى إنتهاء النظام. ولو لم يقتنع بكلامهم وقتها كان سيحصل على فرصة تاريخية، فهو شاب مثقف وذكي ولم يكن دموياً في بدايته وكان من المفترض أن يصبح بطلاً عربياً

وفي سؤال عن الوضع المسيحي وحماية الأقليات في المنطقة، أجاب سالم: أنا شخص علماني أؤمن بفصل الدين عن الدولة ولذلك وصفت المشروع الأرثوذكسي لقانون الإنتخاب بـ"المعيب" في حديث مع صحيفة السياسة الكويتية، وحالياً أنا بصدد تحضير مقالة أو دراسة عنوانها "كي لا تضل الثورة طريقها"، لأن هدف الثورة في النهاية يجب أن يكون بناء الدولة المدنية والتي دينها يكون المواطنة، ويجب فصل الدين عن الدولة ومن هذا المنطق أنظر فقط إلى المشكلة في العالم العربي وليس من نظرة مسيحية. لكن في هذه المسألة بالذات أرى أنه من الخطأ أن تقوم الكنيسة المسيحية بأخذ موقف مع أي نظام ضد شعبه خاصة أن المسيحية هي رسالة تقوم على محاربة الظالم ومساندة المظلوم ومن غير الممكن أن تقف الكنيسة ضد حق الشعوب في تقرير مصيرهم. من أعطى الحق للكنيسة بالوقوف ضد الشعب السوري على سبيل المثال في حقه في تقرير مصيره؟ هكذا موقف سيضع الكنيسة في موقف صعب عندما يتغير النظام. الكنيسة المسيحية يجب أن تنأى بنفسها عن أي تحالفات مع أي نظام و تبقي على رسالتها الكبرى

وأضاف: في موضوع الأقليات أنا لا أؤمن أن المسيحيين هم أقلية. أوليس الإسرائيليون أقلية؟ كم هناك من إسرائيلي يهودي في الشرق؟ خمسة ملايين؟ لكن بالرغم من هذا هم يسيطرون على كبريات الأحداث لأنهم إستطاعوا أن يبنوا "دولة"، وإذا بقي الدين يلعب دوراً كبيراً في سياسة الدول العربية لن نستطيع الدخول في القرن الواحد والعشرين في الشكل المطلوب وسنبقى خارجه

وحول تأثير التغيير في سوريا على لبنان، اعتبر سالم أن هذا التغيير هو من مصلحة لبنان لأن الدولة اللبنانية منذ الإستقلال وحتى يومنا هذا لم تكن قوية بالشكل المفروض ولن تكون قوية طالما أن هناك قوة عسكرية مثل حزب الله أقوى من الدولة وخارجها. التغيير الذي قد يحصل في سوريا برأيي سيضعف حزب الله وعندها سيكون هناك فرصة كبيرة حتى نقوم نحن كلبنانيين لنتحد مع بعضنا ونتعلم من أخطائنا ونعمل من أجل بناء دولة حديثة ومن هذا المنطلق أقول أن أكبر عمل بطولي يقوم فيه حزب الله أن يقدم سلاحه للدولة وينتقل إلى العمل السياسي كحزب سياسي كبير

وأضاف سالم: هناك مشكلة في لبنان، فكل من ينادي ببناء الدولة وقيامها لست متأكداً أنه يريد فعلاً الدولة، خاصة أن الزعماء الموجودون على الساحة اللبنانية زعامتهم مبنية على إنهيار الدولة، لذا أنا لدي قلق كبير من ألا يكون الزعماء اللبنانيون على حجم الفرصة التي ستتاح لهم في المستقبل القريب عندما يتغير النظام في سوريا

وعن إمكانية حدوث ضربة عسكرية لإيران، نفى سالم أن يكون هناك أي ضربة لأن الغرب هدفه إضعاف إيران وسلخ سوريا وحزب الله وحركتي حماس والجهاد الإسلامي عنها، وفعلاً بدأت هذه العملية مع حركة حماس التي بدأت المفاوضات مع حركة فتح

وأشار إلى أن الإمبراطورية الإيرانية بدأت تنهار ولن يكون هناك حرب حقيقية بل حرب إقتصادية ونتيجة هذه العقوبات ستحدث تغييرات في إيران ستؤدي إلى تغيير النظام

أما في الحديث عن محاولة النظام السوري المساومة مع الغرب عبر أوراق إيران وحزب الله فهذا لم يعد ممكناً، فالنظام السوري هو نظام أمني وحزب البعث انتهى وحتى لو بقي الأسد في السلطة فهو لن يصمد أمام رياح التغيير