أسوةً بالسفارة الاسرائيلية – خالد نافع – بيروت اوبزرفر

هو السؤال الذي يراود ثوار العرب الجدد – الربيع العربي: أين إخواننا و أخواتنا في لبنان وهو سؤال حق لا غبار عليه. فالوضع في لبنان يراوح بين الممانعة والدفاع عن قلب العروبة "النظام الأسدي"، ومشاهدة الشعب السوري ينحر يومياً من الوريد إلى الوريد، وبين التغني بثورة الأرز البالية التي لم تستطع أن تحقق شيئاً من مبتغاها الأساسي أو على الأقل تدرجت تنازلاتها شيئاً فشيئاً حتى أصبحنا نردد: يا ليتها لم تكن

لم نعد نسمع وقع ١٤ اذار إلا على صفحات الفايسبوك وتويتر وإذا حالفنا الحظ ربما بخطاب أو حديث صحفي يدفن في ساعته ولا يروي ظمأ من إستمع إليه ومن تحدى الطوق في ١٤ اذار ٢٠٠٥




يبقى لي من ثورة الأرز شرف المشاركة يوم كان السوري ما زال يشحذ بارودته، وأذكر تماماً الوقوف بين مئات الآلاف من الأحرار ومن دون أي "حوافز" قبل أن يبدؤوا بتلطيخها بهوس العدد والخوف من "الزووم" في السنوات اللاحقة، شعور لا يوصف, كثيراً ما استذكرته وأنا أشاهد لمحات الربيع العربي خاصة في مصر وتونس وحتى في اليمن

أين جمهور ١٤ اذار؟ وأين روح ثورة الأرز؟ وهنا طبعاً لا أناشد ما يسمى "قادة" الثورة أو "القيميين" على الثورة، بل أتوجه إلى من يصنفون أنفسهم بمثقفي الثورة والناشطين المعارضين حماة الحقوق، هؤلاء الذين يتبارون في جمع أكبر عدد من الأصدقاء على صفحاتهم على الفايسبوك، هؤلاء من يبحثون عن جملة تحظى بأكبر عدد ممكن من "اللايك" والتعليقات هؤلاء كما يطيب لي أن أناديهم بناشطي "الترند" ليس أكثر و ليس أقل

وهنا أعود بالذاكرة إلى العام ٢٠٠١ يوم عاث النظام السوري في لبنان استفحالاً من أي وقت مضى، حيث تعرفت على صديق سوري في الولايات المتحدة، والمغتربون خارج لبنان يعلمون عادة كيف يجري الحوار بين أي مغترب لبناني و شخص سوري يلتقيان في الخارج، وأنا كنت من الذين يقعون بالفخ ومن الذين يتبجحون بالمواطنية وبالبطولات الوهمية بينما كان لبناننا غارقاً حتى أخمص قدميه بالوصاية. صديقنا السوري كان مختصراً ومصيباً في كلامه بشكل جعلني أتذكره حتى يومنا هذا بالتحديد، لأن وقعه كان فكاهياً وقتها لكنه أكثر من حقيقي الآن، صحيح أن وقتها لم يكن هناك مواقع تواصل إجتماعي، لكن الصورة هي نفسها عن السخافة اللبنانية. صديقنا السوري ورداً على اندفاعي ومطالبتي بتحرك الشعب السوري قال "مش شاطرين غير بالحركات" مستذكراً ما شاهده, إحدى اللبنانيات على شاشة شبكة "الـ سي.أن.أن" تحمل يافطة مكتوب عليها باللغة الفرنسية "سا سوفي" (أي هذا يكفي). لا شك أنه في تلك الفترة أي معارضة للنظام وفي أي شكل كانت، تشكل وقفة إعتراضية حقيقية في ظل تواجد النظام والحالة الفردية التي مثلتها. العبرة هنا أننا في لبنان جميعنا، ناشطي "الترند" لسنا أكثر من عبارات "كوول" وكلام مقتبس وباحثين عن شعبية زائفة بينما الشيء الحقيقي يحصل في مكان آخر

معيب ما يحصل مع إخواننا المعارضين السوريين في لبنان، معيب أن يدخل الجيش السوري وكأنه في نزهة إلى أراض لبنانية، فيرعب من يرعب ويلاحق من يلاحق ويطلق النار جهاراً، ومعيب أن يكون على أرض العاصمة بيروت سفارة لنظام وليس لدولة تحوي في داخلها شبيحة يسرحون ويمرحون في أرجاء البلاد ويعتدون على الناس بدون حسيب أو رقيب، ومعيب أن نكتفي بالإستنكار بينما يتم خطف أحرار لجأوا إلينا على أساس أننا أرض الحريات، ومعيب أن يقوم المعارضون في مصر بإقتحام السفارة "الإسرائيلية" وأمام أعين العالم كله ونحن نكتفي بتنظيم المجموعات على الفايسبوك

فلنعلنها ثورة ونتحول من ناشطي "الترند" إلى حماة الأحرار ولتكن سفارة النظام السوري الثانية بين مثيلاتها في القمع والقتل والترهيب و ليكن سفير النظام السوري في لبنان عبرة لغيره وسابقة بين سفراء الإجرام