game over – عطالله وهبي

القرار الإتهامي لبلمار سيكون متاحاً للبنانيين خلال هذا الأسبوع.وسيكون بمقدور اللبنانيين أن يطلعوا على حيثياته بتفاصيله الدقيقة.التفاصيل التي تفك لغز تفجير الرئيس الشهيد الحريري.و كان قد سبق أن إعلنت المحكمة عن 4 أشخاص مشتبه بهم يدورون كلهم في فلك حزب الله.و كذلك ابلغت المحكمة كل من المر و حماده و عائلة الشهيد حاوي بتلازم قضاياهم مع قضية إستشهاد الحريري ما يدفع المراقب لربط الجرائم بمن إتهم بإرتكاب جريمة الحريري.الحكومة الحالية باتت تعرف بحكومات حزب الله وسورية،لا شك أن إعلان مضمون القرار الإتهامي سيعقد عمل الحكومة الحالية،فهل يقوم المجتمع الدولي الغربي و الشرقي بالإستمرار بالتعاطي مع هذه الحكومة على قاعدة بزنس كالمعتاد،أم سيتعاطى المجتمع الدولي مع هذه الحكومة إنطلاقاً من اعتبارها حكومة تضم جهات حزبية ذات صلة بجرائم فتصبح بذلك معزولة عن العالم.و كيف سيكون موقف رئيس الحكومة ميقاتي من التطورات أمام اللبنانيين بانقساماتهم و أمام أبناء جلدته من الطائفة السنية.هل سيعتبر ما ورد في القرار الإتهامي معلومات دقيقة و يتصرف على اساسها بما يتناسب معها كالإستقالة والقيام بتصريف الأعمال و الحفاظ على اليسير المتبقي له سياسياً في الشارع السني بما يمكنه من الترشح اقله.أم يعتبر أن هذا مجرد إتهام وليس حكماً مبرماً فيستقيل تطابقاً مع دوره الوسطي كما يعلن مراراً.أم يعلن خروجه عن وسطيته و يتبنى تسييس المحكمة التحاقاً بمحور الممانعة ويعمل على إجهاض قراراتها فيكون معرقلاً للعدالة بالمفهوم الدولي و عرضةً للملاحقة القانونية


ستكون الحكومة في لبنان في موقف لا تحسد عليه أبداً.فهي الآن إقتصادياً تتعثر وتكاد تنفجر من الداخل أمام ملفات الكهرباء و الإتصالات و تحويل الأموال و هذا بدون أي ضغوط تذكر،و بفريق عمل متحالف ومتجانس و يصل البنزين إل-٣٧٠٠٠ ل.ل.و أمنياً تتخبط دورياً في انطلياس حيث يعتبر وزير داخليتها أن الإنفجار حديث فردي بينما القضاء يعتبره زرعاً لعبوة ناسفة و ادعى على المتورطين،وفي لاسا يعتدى على مساحي الدولة و على أملاك البطريركية المارونية و على فريق إعلام إم.تي.في،و تهاجم التظاهرات السلمية في بيروت بالسكاكين.و يهدد أركان الحكومة بعضهم بالإنسحاب منها ويدعون إلى إقتحام مجلس النواب





ترى ما ستكون حال الحكومة بعد إعلان ترابط الجرائم ،حين تصدر مذكرات توقيف جديدة خاصة بالجرائم التي طالت الوزيران السابقان المر وحمادة و الشهيد حاوي، لأشخاص جدد معروفون و يظهرون في الإعلام ومكان اقامتهم معلوم؟فمبدأ التعامل مع المحكمة قد أقر في حكومة الرئيس ميقاتي.فالدولة اللبنانية لم تبلغ المحكمة عدم تعاونها بل ابلغت المحكمة أنها تعاونت ولكنها لم تجد المتهمين.فأقرت بمبدأ التعاون مع المحكمة.فبالقائمة الجديدة للأسماء لن يجدي التحاذق بأن الدولة اللبنانية قامت بالتفتيش ولم تجد المتهمين.و ماذا سيكون موقف الوزراء المقاومين و الممانعين،هل ستطوب الحكومة قديسين جدد.و هل سيكون التضامن الوزاري قائماً بعد أن تبين كم هو هذا التضامن هشاً.ماذا ستكون مواقف التقدمي ورئيس الجمهورية من أي إجراء ومع من سيصطفون.كل البشائر تدل على أن عمر هذه الحكومة قصير.وأنها في أحسن الأحوال حكومات تصريف أعمال.وفي هذه الحال ماذا سيكون عليه وضع المجلس النيابي


بعد إعلان القرار الإتهامي سيكون فعلاً غير ما قبله.فهل يرضى مروان حماده التواجد تحت نفس قبة البرلمان مع نواف الموسوي أو أي نائب من نواب حزب الله في حين أن أعضاء من الحزب متهمين بإغتياله،و هل سيكون ذلك سهلاً على ميشال المر.هل بإمكان الحريري إبن الشهيد ورئيس أكبر كتلة برلمانية أن يتواجد في نفس البرلمان مع النائب محمد رعد.سيكون حتمياً إجراء إستفتاء شعبي جديد.و ستكون الإنتخابات محطة فاصلة في تاريخ لبنان.سيكون من الصعب التكهن أي قانون سيعتمد لها ولكن ما يبدو أكيداً أن قوى 14 آذار قادرة على ربح الانتخبات في أي قانون كان


زد على ذلك ما سيكون وضع سورية في المقبل من الأيام.و تداعيات ذلك على لبنان.لم يكن مشهداً عادياً رفع الإعلام السورية في ساحة الشهداء في وسط العاصمة بيروت.لم يكن عادياً تضامن الشعب اللبناني مع الشعب السوري الشقيق.لأول مرة يكون لمقولة شعب واحد في بلدين طعم.كبيرة كانت دلالات وجود مثقفين شديدي القرب من محور 8 اذار و مثقفين آخرين من 14 في تظاهرة واحدة مع الشعب السوري.مهما كان سياق الأحداث في سورية فإنها لن تكون في مصلحة قوى 8 آذار و الحكومة القائمة حتماً.


يظهر سياق الأحداث كم كان مؤتمر المصارحة والمسامحة الذي دعا إليه الرئيس الحريري ورفضه حزب الله مهماً لحماية لبنان مما هو قادم.كان أجدى بمن يتحدث ليل نهار عن الحوار و الدعوة إليه أن يدفع إلى عقد ذلك المؤتمر في الرياض.وكذلك كان من الأجدى لمن يخشى من هدر الفرص و تحمل المسؤوليات أن يدفع أيضاً لذلك المؤتمر .لا ينصح من كان يمد يده دائماً وبعد كل إنتصار إنتخابي للفريق الآخر


يجب إعادة إحياء المبادرة إلى مؤتمر مصالحة و مسامحة قادر على احتواء أزمة وطن.لن ينفع الحوار بنسخته السابقة.و نتائجه دليلٌ على ذلك.لن يفيد التكابر بعد الآن،لن يفيد لوي الحقائق و تشويه الوقائع بعد الأن،فحتى الأنصار زالت الغشاوة عن أعينهم.كفى حقناً للمناصرين واستعداءً للأخرين و هلمو إلى مؤتمر للمصالحة و المسامحة قبل أن يصبح ذلك مستحيلاً.انتهت اللعبة