من الذاكرة … العيد .. – د.رضا حمود

بحثنا عن العيد في اعين الاطفال و الامهات… بحثنا عنه في جميع الازقة و الطرقات… بحثنا عنه عن فرحته و بهجته و نقائه… بحثنا عنه في وطن الارز في لبنان… و سألنا اصحاب الشأن اصحاب الأمر و النهي… اصحاب المليارات.ماذا دهاكم .. ماذا دهاكم تضربون اخماسكم باسداسكم و تنتزعون فرحة العيد… و تقتلون العيد في وطن الأعياد…

هل العيد لم يأتي بعد؟؟! تأخر العيد عند الكثيرين بل قل ان الاكثرية تتمنى ان يطول شهر رمضان طول الزمان لأنهم هم حقا في صيام دائم… فالشح و العوز جعلهم يتمنون ان لا يأتي العيد و لسان حالهم يقول مع اشعر الشعراء عيد بايه حال عدت يا عيد لأمر مضى ام لأمر فيك




تجديد. ونحن نسأل هل من جديد ايها العيد في يوم العيد؟؟؟؟… هل من جديد في فلسطين! في غزة في خان يونس في جنين وطولكرم و نابلس و القدس…هل من جديد هناك في اقصى بلاد الرافدين في العراق الحبيب في بغداد و البصرة و الموصل و كركوك و الحله و واسط و كل ارض العراق التي تبكي ايام اعيادها السابقه … حيث يتحسر اطفالها على قطعة حلوى و شيبها و شبابها على ليتر من البنزين في بحيرة النفط تلك؟؟! و مصرام الدنيا و طوابيرها المصطفه على ابواب الأفران لجلب " رغيف العيش" هل لديها من جديد ؟؟!

و بلاد اليمن السعيد… حيث السعاده تتلاشى رويدا رويدا و ينهش الاخوة لحم بعضهم بعضا… و الخليج تتلألأ فيه الأنوار و الكل فيه مستورد الا النفط… الى متى سيدوم النفط… و ملياراته في بورصات العالم تضمحل و تفلس مع المفلسين… و السودان عيده ليس بأحسن حال من اعياد الأخرين… و جراحه لا تلتئم و الملح يدق مع الجرح فترتفع الصرخات و يزداد الأنين… و المغرب العربي من الجماهيريه و تونس الخضراء و الجزائر و المغرب… كلها شعوب تنتظر العيد و مواسم العيد… فلعلى و عسى يأتي هذا العيد… عله و عسى نتفق يوما على يوم العيد الذي اختلفنا عليه… فما بالنا في القضايا التي تمس امننا و مستقبلنا و وجودنا؟؟! القدس هي العروس التي تبكي …

القدس عيونها تبكي و جسدها يتململ تحت الظلم و الحقد و الاحتلال… و صوت فيروز ما زال يصدح و الى الأزل سيبقى ينادي يا قدس يا عروسة المدائن يا زهرة المدائن و الغضب ات…عفوك فيروز ممن تنتظرين الغضب الآتي؟؟! لماذا تخلطين الامور بعضها ببعض يا رسولة لبنان الى النجوم… نحن ننتظر العيد بعد صيام طويل مرير… تعودنا عليه منذ الصغر… منذ الصغر انتظرنا الحذاء الجديد… و ابينا الا ان ننام متمنطقين هذا الحذاء لنكون جاهزين في يوم العيد… كي لا يمر العيد دون ان ندري… انتظرنا قطعة الحلوى و صحن الكبه والعيديه … انتظرنا العيديه من الاهل و الاقارب و الجيران احيانا… انتظرنا المحبه من جميع الذين حولنا… انتظرنا كل الفرحه كل البهجه كل السرور و كانت ايام… و ما بالنا اليوم يا فيروزنا الحبيبه؟؟! انت تعرفين ان الاخوة الاعداء يزداد عددهم كل يوم… و الكل يقول ان الدم لا يصبح ماء… لكن الدم قد اصبح ماء في كثير من بلادنا…الدم لم يعد محرما كما كان … و القتل اصبح عاده من العادات… روتين يومي نراه في الفضائيات و ما اكثرها الفضائيات … كل ينادي على زيته و لا احد ينادي على زيته عكر…

اختلفنا على كل شيء … و لم نتفق او نتوافق حتى على يوم العيد… علما بأن هذا العيد لا و لن يأتي طالما نحن هكذا… فالعيد له طقوسه و عاداته و تقاليده… العيد له معناه و قيمه و قيمته الماديه و المعنويه… العيد ليس يوم كباقي الايام… و متوهمون هؤلاء الذين يعتبرون ان ايام الأعياد هي ايام عاديه تمر في حياة الأمم و الشعوب. العيد هو طموح و وثوب الى الأمام … هو فرح القلب و فرح الانسان الطيب الأنسان العادي في هذه الارض… العيد ايتها الاخوات و الاخوة يعلمنا معنى العطاء لا الاخذ … يعلمنا فرح العطاء و فرح المسكين و الحزين و الجائع و التائه و الملهوف … فأين ايام زمان يا لبنان…

اما العيد في لبنان … العيد يتراوح الهوينى بين المذاهب و الطوائف… له وقعه و ضجيجه الخاص… له وقع خطى ما كتب على هذا الوطن من سقوط في التجاذبات السياسية و الاقليمية و الدوليه و الداخلية .. العيد في وطني لبنان يجب ان يمر في كل الزواريب الطائفية و المذهبيه ليصل الى اصحابه و وصوله متأخرا من مذهب الى مذهب آخر ليس هو بيت القصيد بل المشكلة هي فقدان بهجته و مهما حاولنا ان نزينه بالألفاظ و المعاني… ان بهجة العيد هي ان يغني و يرقص و يفرح كل لبنان… في يوم عيد لشعب لبنان… فهل يستطيع شعب لبنان كما شعوب باقي المنطقة ان يفرح او يفرحوا جميعا بقدوم هذا الذي ننتظره و يسير بطيئا بطيئا من موطن الى آخر… و كم انتظرنا أن يصل لكنه لم و لن يصل لأننا ما زلنا لا نعرف معنى العيد و قداسة العيد و بهجة و فرحة العيد… نحن نعرف ان لكل قوم او وطن او دين او مذهب او قبيلة او عشيرة اعيادهم و افراحهم… و اعيادهم نراها في كل مواسمها و اوقاتها نراها تزخر في كل انواع الفرح و البهجة و السرور… نراها في وجوههم في عاداتهم و تقاليدهم… نحن في الغربة نعيش معهم … و نرى و نعرف و نحترم كل العادات و كل التقاليد… و نعرف ان اعيادهم قد وصلت مبكرة اليهم … و نحن ننتظر العيد عله يصل يوما فنفرح جميعا بقدومه… ونتمنى للجميع عيدا سعيدا و كل عام و انتم بخير…

فمتى يعم الخير… اجل يعم الخير … و العيد هو عندما يعم كل المنطقة السلم و السلام و الخير..