بدأت بعض الشخصيات الأردنية عملية تسييل العقارات، والشيكات ذات الأرصدة الضخمة، والشركات الوهمية التي تم افتتاحها في عمان، والحصول على قروض تقدر بعشرات الملايين؛ ليس لأن الشركات الوهمية تملك القوة النافذة في السوق المحلي، بل بسبب الحصانة الشخصية، والوزارية، ونفوذ الوظيفة التي استثمرت لغايات جلب الأموال، وتحويلها الى حسابات خارج الأردن؛ بريطانيا، وسويسرا، ودبي، وقبرص، وأمريكا، بعد أن تأكد لهم أن القانون الأردني يمكن أن يأخذ مجراه، وتبدأ عمليات المحاسبة من قبل هيئة مكافحة الفساد، التي تلقت أوامر مباشرة من سيد البلاد بعدم التهاون مع لصوص الفساد في الوطن، وكانت التحركات الأخيرة التي قام بها الشعب الأردني تدل على أن المواطن لم يعد يحتمل أكثر مما احتمل في السنوات والأشهر الماضية، وأن أي تصريحات حكومية لم تعد تجدي نفعاً، في ظل الإرتفاع الكبير على الأسعار وكأن المواطن أصبح مطية الحكومات، والتجار، وصندوق النقد الدولي، والبنوك الدائنة، في إشارة الى أن المواطن يتحمل المديونية العامة للدولة وحده دون أن يكون لمكونات المجتمع؛ مثل الحكومة، والتجار، والمتنفذين، والذين أثروا على حساب الشعب؛ أي دور في تحمل المسؤولية؟
تحويلات مالية ضخمة لمسؤولين اردنيين وشخصيات نافذة في الاردن واثرياء وتجار بدأت في التحرك ورفد البنوك العالمية، وكأن الأموال جاءت هبة من السماء ولم تسرق، أو تنهب، من خلال الوظيفة، لكن يبدو أن فتح ملفات الفساد على نحو واسع سيطال شخصيات عديدة بعضها لا زال في موقع المسؤولية، والبعض الآخر يلملم أوراقه ومستنداته وأمواله؟ وجهز حقيبة السفر للمغادرة على أول طائرة، إذا بدأ الحساب، وزين العابدين يعتبر مثالاً حياً لهؤلاء وأولئك الحرامية، وقطاع الطرق، ومصاصو دماء الشعب الأردني.
الحكومة الأردنية ومنذ أن أقسمت اليمين الدستورية أما الملك، لم يكن لديها حلول على الإطلاق، بل ذهبت الى أبعد مسافة بينها وبين الشعب، واستمرت؛ بل استمرأت سياسة التوسع في النفقات، رغم زيادة الضرائب والرسوم، والتخلي عن دعم النفط ، والأعلاف، والمواد والخدمات الأساسية، عدا عن محاربة الإعلام، والحريات الصحفية، وتقديمها معلومات مغلوطة عن الضريبة على المحروقات، وساعدها في طمس الحقائق الإقتصادية عن الشعب؛ بعض الكتاب المتخصصين في الشأن المالي والإقتصادي، فغيروا الحقائق وزوروها ووصفوا الأمور على أنها تسير في الإتجاه الصحيح، وما هي إلا أشهر معدودات وينهمر الغيث على المواطن، فأمحلت، وأجدبت، وأصابها القحط وازدادت حجم المديونية التي أنهكوها باللصوصية، وهدر النفقات، ورهن مقدرات الدولة للأجنبي والمستثمر، بل قاموا ببيع أغلب مؤسسات الدولة بثمن بخس، مع أنها مؤسسات رابحة ويمكنها لو بقيت على حالها أن تسدد العجز منذ سنوات.
كيف تدعي حكومة الرفاعي أنها وفرت نصف مليار دينار أردني عام 2010 وكانت صرفت مقابل هذا التوفير الوهمي 660 مليون دينار، ومثلها زيادة في النفقات، والتعيينات، على وظائف تكلف الموازنة سنوياً عشرات الملايين، والتعيينات التي حدثت في رئاسة الوزراء تشكل نموذجاً للحالة المتردية التي وصلت إليها الحكومة، وضربها كل الشعب الأردني بعرض الحائط.
إن ما تقوم به الحكومة يرتقى إلى مستوى الخطيئة، والفاحشة، والكفر الذي يودي بصاحبه الى جهنم وبئس المصير، إذ لا يعقل أن تطلب الحكومة رفع الدعم عن المحروقات وخلال عامين تفرض نسبة 40% على هذه السلعة التي كانت مدعومة أصلاً؛ لماذا كانت تدعمها إذا كانت لا تعتبرها سلعة تستحق الدعم؟! ثم أين السعر التفضيلي الذي تشتري به الحكومة: النفط من الدول العربية! وكيف تبيعه للمواطن بالسعر العالمي، أين يذهب فرق السعر في مادة المحروقات وحدها دون أن نذكر مواداً أخرى تدخل السوق أو تخرج منه، ولها تأثير مباشر على الحركة الشرائية التي يقوم بها المواطن، دون أن يعلم كم ثمن السلعة أو المادة على وجه الدقة؟
… نحن نطالب كمواطنين يتحملون مسؤولية العبث الذي تقوم به الحكومات منذ سنوات، غير عابئين بما ستؤول إليه أوضاع الوطن من شماله الى جنوبه؛ نطالب: بكشف الشركات الوهمية والتحفظ عليها، وإصدار قرارات من محكمة أمن الدولة بالقبض على لصوص الداخل في الأردن، ومنع سفرهم بما يحملونه من أموال، ومن لا زالوا ينهبون مقدرات الوطن، وإصدار قوانين قضائية لملاحقة الذين غادروا الى خارج الأردن.
– جمع الوثائق التي بثتها المواقع الإخبارية والتي تؤكد تورط رئيس الحكومة سمير الرفاعي وعدد من المتنفذين المحتكرين لشركات يقدر رأس مالها بالملايين، وقد أسست على حساب أبناء الوطن، ومحاسبة الحكومة على التعيينات الجائرة في رئاسة الحكومة والوزارات، على حساب إهمال وإقصاء أبناء البلد الذين حرموا منها لسنوات طويلة، ومحاسبة من عين محمد صقر مدير سلطة إقليم العقبة، وعزل من تم تعيينهم بعقود بآلاف الدنانير، وبتوجيهات من الحكومة والتي زادت من المديونية، وأرهقت خزينة الدولة، وتحملها المواطن وحده دون غيره.
– محاسبة مجلس النواب الذي منح ثقة غير مسبوقة في تاريخ الأردن، فالتاريخ يعيد نفسه، إذ سقط رئيس الوزراء سمير الرفاعي بعنوان عريض: سنة سمير لا قمح ولا شعير، وقد تم إيداع من أسقطوه في سجن الجفر، وها هو الحفيد يريد أن يوصل رسالة للجميع أنه حصل على ثقة لم يحصل عليها جده ووالده في غابر الزمان؛ لكن، لو كان مجلس النواب حراً في قراراته؛ لسقطت حكومة الرفاعي بالصفر المكعب؟!
– يجب محاسبة الحكومة على: قمع الحريات، ومحاربة الكتاب والصحافيين، ومنع إيصال المعلومة وهي حق مقدس للشعب، بالرغم من تقاطع هذه الممارسات مع رسالة الملك عبد الله عند تكليف الحكومة عندما أكد على: تحقيق التنمية السياسية التي تعزز المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، هو شرط أساسي لنجاح الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية. وأقر الملك عبد الله على نحو ملائم بأهمية الاستماع إلى جميع الأصوات في المناقشات حول مستقبل الأردن. غير أن المدعين العامين يحركون دعاوى جزائية بحق المعارضين السياسيين من وقت لآخر. وأصر الرفاعي وحكومته على قانون جرائم أنظمة المعلومات الجديد الذي يُخضِع صراحة جميع أشكال التعبير على الإنترنت لأحكام قانون العقوبات والقوانين النافذة الأخرى.
لقد حذرنا كثيراً وعبر مواقعنا الإلكترونية من أن الشعب الأردني له طاقة محدودة على التحمل، لكن لم يستمع إلينا أحد، وظلت الحكومة تعيد علينا إسطوانتها المشروخة والتي اعتادت على بثها عبر وسائل إعلامها بأن المواطن ينعم بالأمن والإستقرار، ومن جانب آخر تمارس علينا قمعاً إجرامياً برفع الأسعار، والضرائب، وزيادة نفقات الدولة ومصروفاتها الخيالية، وكأننا نعيش في سويسرا، أو إحدى دول الخليج ذات النفط والذهب، والمشاريع الإستثمارية الضخمة.
ألا تأخذ حكومتنا عبرة من أبي القاسم الشابي عندما قال:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر
الشعب يطالب بمحاسبة كل شخص تقلد منصباً وأثرى ثراءً على حساب لقمة المواطن، بأن تقوم الجهات الأمنية، والقضائية بمحاسبتهم وإعادة أموال الشعب، وعندها فقط لن يكون هناك مديونية، وستعود أمور الوطن الى سابق عهدنا بها، فالشعب مظلوم بحكومته، مظلوم بنوابه، مظلوم بتجاره يا سيد البلاد.