عجباً لزمن إحْتُسِبَ فيه المنتحر شهيداً للمجتمع ! ففي الوقت الذي تنعم فيه العديد من الدول بالرفاهية والتحضر والتسهيلات للمواطنين، تشهد فيه العديد من الدول العربية الممثلة في تونس والجزائر وموريتانيا وأخيراً مصر العديد من العمليات الإنتحارية احتجاجاً على نظام الدولة والأوضاع المعيشية. فهل أصبح الإنتحار هو أحدث الطرق السريعة لإجبار الدولة (المُمَثلة في الحكومة) للإستجابة لمطالب المواطنين؟ وهل ستكون هي أهم النقاط البارزة في إحداث خلل في المجتمع المصري قبل إنطلاق الانتخابات الرئاسية المنتظرة خلال هذا العام
إذا تركنا كل هذه التفاصيل وتحدثنا عن أصل المشكلة نجد أن معظم حالات الإنتحار تتلخص في خيبة أمل المواطن وعدم القدرة على التعايش مع الواقع المرير. فتلك هي لحظة نفاذ الصبر والطاقة التي يقوم فيها المواطن بالإنتحار كوسيلة للتعبيرعن الإعتراض على العديد من الأمور في الدولة وبالأخص الأوضاع المعيشية التي شهدتها مصر في الأعوام الأخيرة
ومجدداً يظهر شعار "إحنا عايزين حقوقنا" والذي تم تنفيذة من خلال شبكة موقع الفايسبوك والذي يدعو فيه المصريون للإنتفاضة على غرار تونس وتحديداً 25 يناير الموافق احتفالات عيد الشرطة في مصر ليكون يوماً للغضب والإعتراض ممثل في شعار (يوم التغيير في مصر) !، وجاءت الدعوة محددة بالعديد من المطالب الممثلة في إقالة حكومة الدكتور نظيف و إلغاء حالة الطوارئ وإقالة وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي، وإخراج كل المعتقلين (دون أحكام قضائية) وحل البرلمان وإعادة الانتخابات البرلمانية مع ضمان نزاهتها
ليس فقط بل تم إطلاق حملة بعنوان (مبارك أمان لمصر) مضادة للعصيان المدني وللرد عليهم. فهل أصبح الفايسبوك وسيلة للثورة على الحكومة وأيضا لتأييد الحكومة من جانب آخر؟ وهل تصمد الحكومة أمام كل هذه الأجواء الساخنة وتعمل على حلها حلاً جزرياً. ومتى ستبقى الأجواء هادئة في مصر مثلما كانت من قبل؟ فالبوادر كلها تقول تشير إلى القلق الذي تعيشه المواطنين في مصر بسبب عدم الشعور بالاستقرار فأصبحت مصر بمثابة مجتمع مفكك داخلياً للعديد من الأحداث المتتالية الأخيرة. فهل ستستطيع الحكومة لم شمل هذا المجتمع أم أنها ستفشل في ذلك وتكون بداية نهاية لمصر