سعد رفيق الحريري..شرٌ لا بد منه – خالد نافع – بيروت اوبزرفر

 

واهم من يعتقد أن المعارضة لا تريد سعد الحريري على رأس الحكومة المقبلة. أعلم أن الكثيرين لن يوافقوني الرأي في هذا الكلام لكن هذا هو الواقع وهذه هي أجواء الكواليس "الدبلوماسية"، ربما كلمة المعارضة شمولية بعض الشيء لكن المقصود هنا بأصحاب القرار في المعارضة وليس أدواتها




من المنطق أن يكون حزب الله هو الآمر الناهي و صاحب القرار فهو من يملك السلاح و هو من يملك وجود حقيقي على خارطة موازين القوى و الأهم من ذلك كله هو من يملك المال. صحيح أن حزب الله يحاول دائماً الظهور بمظهر "الدبلوماسي" في علاقاته مع حلفائه و لكن هذا ليس إلا أن معظم متطلبات حلفائه ثانوية بالنسبة له .قد لا يأبه حزب الله بمقعد هنا أو هناك ، ولا يعنيه حصة هنا أو عمولة هناك، لكن لديه خطوط حمر أساسية معروفة

أ – الحفاظ على الهالة القدسية لسلاحه وعدم المس بها

ب- إقامة سور إفتراضي حول كل ما له علاقة مباشرة بلوجستية الحزب

ت- الدفاع عن حليفه الإقليمي (سوريا) و تلبية جميع مصالحه

ث- تلبية قدر الإمكان متطلبات حلفائه/أدواته في لبنان (في الدرجة الأولى الجنرال ميشال عون)

 

ما عدا ذلك يمكن لحزب الله أن يكون متعاوناً لأعلى درجة، لكن المعضلة الحقيقية التي بات يواجهها هي براثن المحكمة الدولية والتي تتعارض بشكل مباشر وغير مباشر مع الخطوط الحمراء التي وضعها. المحكمة الدولية تحولت من الكابوس الذي كان يؤرق نومه إلى المقصلة التي تهدد عنقه والتي ستعيده إلى خانة الميليشيات الوضيعة التي عمل جاهداً لينأى بنفسه عنها

ربما تكون المعارضة هي من طالبت و ضغطت على الرئيس ميشال سليمان لتأجيل الإستشارات النيابية لكن الأسباب المتداولة وراء هذه المطالبة غير واقعية

* أولاً: إن طلب تأجيل الإستشارات لم يكن جوهره للمعارضة بل هو جاء بطلب سوري كما تشير المصادر (النائب طلال إرسلان هو من نقل إلى الرئيس نبيه بري طلب الرئيس السوري أمس الأحد بتأجيل الإستشارات لموعد لاحق )

* ثانياً: صحيح أن المعارضة كانت لتخسر(!!) سباق التسمية لكن يبقى هناك مخاض الولادة وهو الأهم

أما الإيحاء بأن عرقلة الإستشارات وتأجيلها سببه قطع الطريق أمام سعد الحريري كون المعارضة أو حزب الله بمعنى أصح لا يريده رئيساً للحكومة هو الخطأ بعينه، فحزب الله لا يريد إلا الحريري رئيساً للحكومة المقبلة لكن بشروطه هو ومتطلباته هو، إذ يعلم جيداً أن الحريري وحده قادر على تحريره من طوق المحكمة

وفي العودة إلى الأخطاء المتداولة، ومما يثير العجب هو الإعتقاد أن حزب الله لا يستطيع الحصول على الأكثرية أو الغالبية النيابية لتمرير أي مرشح كان بغض النظر عن الإيحاءات الجنبلاطية و التي لا تتعدى خانة توزيع الأدوار و بشكل واضح خاصة بعد المشاورات المكوكية مع أمين عام حزب الله و الرئيس السوري

من السهل جداً لحزب الله الدخول في خضم الإستشارات النيابية و تنصيب أين كان، سواء الرئيس عمر كرامي أو الوزير السابق عبد الرحيم مراد أو حتى الرئيس نجيب ميقاتي الذي لم يكن ليرفض طلباً شخصياً للرئيس الأسد . حتى إن الكلام عن هاجس سني وراء تراجع حزب الله و السوريين و أدواتهم معاً عن تزكية أي مرشح معارض أو حيادي لرئاسة الحكومة المقبلة هو غير صحيح

وحده سعد الحريري يملك المواصفات المطلوبة ، وحده سعد الحريري يملك في إسمه الثلاثي متطلبات المرحلة المقبلة

باستطاعة أي رئيس حكومة أن يقوم بطلب سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية، بإمكان أي سني سواء كان من المعارضة أم من الحياد الصوري أن يقطع التمويل عن المحكمة بشطبة قلم، و حتماً بإمكان أي مجلس وزراء أكان وزراؤه من الغالبية أو الأقلية أن يلغي أو يوقف العمل بالبروتوكول الموقع مع المحكمة الدولية

لكن وحده سعد رفيق الحريري يملك ما يملكه من حيثية أكان من باب أنه نجل الرئيس الشهيد أو حتى لما يملكه من هذا الكم الهائل من الدعم الدولي . وحده سعد رفيق الحريري بوقوفه على منصة السراي الحكومي وعلى مسامع المجتمع الدولي من غربه إلى شرقه وإعلانه رفض إتهام حزب الله و شجب المحكمة يزيل هذا الطوق عن رقبة حزب الله و دمشق، هذا ما يعلمه حزب الله جيداً و يدركه الرئيس السوري

لا يهم حزب الله إستئثار تيار المستقبل في السياسة الإقتصادية و لا يعنيه الكلام عن 11 مليار أو حتى 111 مليار ما يريده الحزب هو أن يقوم سعد الحريري و ليس أي شخص آخر بإزالة هذا الدمغ و لو معنوياً

ربما هذا الواقع قد يبعث بالقليل من الإطمئنان بالرغم أن المرحلة القادمة سيتخللها الكثير من الرسائل التصاعدية الترهيبية لكن يبقى على الأقل أن الحريري ما زال حاجة ضرورية قد تلجم إسترسال حزب الله في عدوانه

 

[email protected]