بين “وقاحة ” جميل السيّد وتوعّد “حزب الله”: انه الانقلاب – سلمان العنداري

ملفت هو كلام عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد منذ ايام عندما قال ان "ما حصل في السنوات الخمس الماضية ينبغي ألاّ يتناساه اللبنانيون ويتعاملوا مع تداعياته كأمر واقع"، واصفاً اياه "بالانقلاب السياسي"، ليلاقيه زميله النائب حسن فضل الله الذي صرّح متهّماً "منظومة سياسية وإعلامية وأمنية بعضها له وجه رسمي وبعضها يرتبط بشخصيات وبقوى سياسية بـأنها هي التي صنعت وفبركت شهود الزور" بحسب قوله، كاشفاً عن نيّة لتفكيك هذه المنظومة وكشف رؤوسها….

 




قرع الطبول الذي عاد "حزب الله" الى ممارسته من جديد بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، يُنبىء بمرحلة صعبة ستعيشها البلاد في الاسابيع القليلة المقبلة، اذ يبدو ان قراراً اتخذه هذا الحزب ومن ورائه لتوتير الامور وتصعيد المواقف، و"فتح نار جهنم" باتجاه المحكمة الدولية من بوابة حكومة الوحدة الوطنية والرئيس سعد الحريري.

 

والمستغرب في هذا الاطار تزامن هذه الحملة المتجددة "لحزب الله" مع المؤتمر الصحفي "الوقح" الذي طالعنا به اللواء الركن المتقاعد جميل السيد متماهياً مع "الحزب" متوعداً السلطة الحالية بالانقلاب ومهاجمة المسؤولين في بيوتهم، فقال كلاماً عالي النبرة بحق رئيس الحكومة متّهماً اياه "ببيع دم والده واللعب بالبلد اربع سنوات"، ودعاه الى طي الصفحة والقول بأن "والدي مات ولا محكمة وقد اخطأنا".

 

هذا التهديد والوعيد والتهويل الذي وصل الى حد "الثأر الشخصي" من الرئيس الحريري، وتهديده مباشرةً من على شاشات التلفزة يكاد يختصر الصورة التي تقول بأن انقلاباً جديداً على الدولة والمؤسسات والعدالة يحضّره الفريق الموتور والمتضرر من مسار الامور والاحداث امثال جميل السيد الذي حاول اعادة تظهير دوره السلطوي والامني والتخويفي على الرأي العام اللبناني مبدياً رغبته الجامحة في الانتقام وفي اعادة عقارب الساعة الى الوراء بعد اكثر من مرور 5 سنوات على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسقوط النظام الامني الذي كان جزءاً اساسياً فيه، فشاء "لعب دور البطولة المتخيّلة" مجدداً، ضارباً بعرض الحائط مناخات التهدئة الهشّة المهددة بالسقوط والتدحرج بعد هذه التصريحات "المريضة".

 

من الواضح ان "نفير المعركة السياسية" الذي أطلق رسمياً يستدعي طرح اكثر من سؤال حول الخلفيات التي رافقت هذه التصاريح، وحول معالم المرحلة المقبلة، فإلى اي حد يمكن ان يكون هذا التناغم الكلامي بين السيّد و"حزب الله" منسّقاً ومدروساً في التوقيت والمضمون؟، والى اي حد كان كلام جميل السيّد العالي محتضناً من قبل القيادة السورية التي التقاها الثلثاء الماضي لأكثر من ساعتين، فهل من رسالة سورية للرئيس الحريري عبر احد اهم رموزها في لبنان؟، ام ان الاخير شاء التغريد خارج السرب، وان كلامه اتى خارج سياق التفاهم والتقارب السوري مع الحريري؟، والى اي حد سيهدد هذا الكلام مفاعيل التهدئة السياسية الداخلية ومفاعيل التفاهم السوري السعودي واللقاء الثلاثي الذي عقد منذ اسابيع في قصر بعبدا الرئاسي؟

 

وبين الحملة التي قادها رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون على رئيس الجمهورية ميشال سليمان وعلى فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي الاسبوع الماضي، وبين حملة رئيس تيار "التوحيد" وئام وهاب على المحكمة الدولية تزامناً مع المواقف التي اطلقها نواب "حزب الله" وكلام جميل السيّد، تلوح في الأفق مناخات تصعيدية من شانها تهديد مفاعيل التهدئة، تفجير كل التفاهمات السابقة، اذ ان معظم هذه القوى تريد قلب الامور رأساً على عقب، على اعتبار ان تداول ملف المحكمة الدولية ومسألة شهود الزور وعدم اهليتها يشكّل مدخلاً اساسياً ودسماً للاستغلال السياسي تمهيداً الى الانقضاض على الدولة ومؤسساتها، وما يتبع ذلك من اسقاط لحكومة الرئيس سعد الحريري وتغيير المعادلات…. فهل ينجح الانقلاب؟؟؟