عذرا كميل شمعون – روي أنطوان مرعب – بيروت اوبزرفر


الكتابة عن صانعى التاريخ ليس بالأمر السهل.انها الكتابة عن العظماء والاباطرة, كما وانها الكتابة عن من قرروا مصيرالشعوب ان لم نقل الامم,ورسموا الإتجاهات المصيرية والخطوط المشبعة بالحكمة والجرأة.

وعندما قررت الكتابة عن كميل شمعون,في ذكرى رحيله الثالث والعشرين,تردد قلمي فهوى,فتريثت للحظات قليلة,ثم عاودت الكتابة لأترحم على آخر زعيم وطني مسيحي,عصف بسياساته على معظم عقود القرن السابق, فغدا الرقم الذي يطمح اليه فلاسفة السياسة في الحقبة السابقة.

جئتك يا فخامة الرئيس اليوم وفي قلبي اعتذار.اعتذار وتأسف كبير على الحالة السياسية التي حلّت بنا بعد رحيلك.

عذرا لانك كنت الرقم الاول والصعب في السياسة اللبنانية, وها نحن اليوم اضحينا ارقاما ليس الا,بل مواطنين من الدرجة الثانية غير معنيين بالقرارات السياسة,وشهود زور على بعض القرارات التي لا تساوي بين ابناء الوطن,ولا تخوّلهم المشاركة في صنع الدولة المنشدودة في المستقبل.

وعذرا يا فخامة الرئيس لاننا اصبحنا نتفاخر بحروب ابناء الصف الواحد,ونعمل ما بوسعنا لإلغاء الاخر معنويا وقتاليا و بكل ما توافر لدينا,فيما كنت تنادي برصّ الصفوف وحمايتها,والحفاظ على العيش المشترك والتمسك به.

صنعت لنا التاريخ,وارثيت لنا طريق المستقبل,فشربنا من كأس امجادك.شربنا فسكرنا وضاعت صلاحيات كرسي الرئاسة الاولى عند اول اختبار,فتقاتلنا وسقط شهداء سدى في اول مفترق طريق.صنعت القيادات ولم تتأخر في تكريسها وفرضها على ملوك الطوائف وامراء السياسة,فعذرا اذ رأيتهم اليوم يجهضون كل فرصة تهدف لبروز قيادات جديدة تنشل سفينتنا من الغرق الحتمي.

جاهرت برفضك تهجيرنا, فعشقنا الهجرة.عشقت الحرية فكبلنا ايدينا باحلاف اقليمية وعالمية,فاصبحنا نستدين من الامس لندفع ديون الالتزامات المستقبلية وبدون جدوى.كان رسمك يرعب المجتمعات السياسية,فأضعنا الصورة بل احرقناها طمعا بالمصالح الشخصية,فضاعت الهوية وهوت المبادىء التي استشهد لاجلها الالوف.رفضت التوطين الفلسطيني في لبنان,فعرضنا اراضينا للبيع دون تردد ودون ان نسأل من الشاري.

عذرا يا فخامة الرئيس ان وضعنا اكاليل الغار على اضرحة لطالما عملت ضد قضيتك,وتمنعت ايادينا الكسولة ان تضع اكليل شوك واحد على ضريحك,او على اضرحة رفاقك الذين استشهدوا من اجل القضية.

اتمنى في ذكرى رحيلك الثالث والعشرون,ان اجد من يترحم على غيابك بعد ثلاثة وعشرون عاما,لاننا وللاسف,دخلنا في اخر عصر مسيحي وما جاري في العراق ومصر وبعد البلدان المجاورة الا خير مثال.فمن يمنع عملية قمعنا في لبنان؟

ارقد بسلام يا اخر زعيم وطني ودولي.ارقد والى جانبك امجادك والقابك وتاريخا من الإنجازات والإنتصارات.ارقد وقد اديّت قسطك للعلا,فحرثت ارضنا و زرعت بذورا صالحة فيها,اما نحن اخترنا حصاد من نوع آخر,حصدنا مواسم الفتن والتفرقة والتقاتل وما اليباس الحاصل الا طريق للهاوية بين ايدي اشباه مسؤولين لايرون لا بعين البصر ولا البصيرة.

داني تعّذر عن حضور جنازتك,انه يحزم امتعة السفر الى اميركا.شادي اكتفى بإرسال باقة ورود من دولة الامارات وكذلك فعل الياس الموجود في كندا.اما عبدالله في استراليا,سيصلي لراحة نفسك ولاجل خلاص لبنان.