الحراك الخارجي لكل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري لافت. فبين زيارة سليمان الاخيرة لواشنطن ثم لدمشق فباريس قبل يومين، وزيارتي الحريري للرياض ودمشق ثم زيارتيه القادمتين الى انقره وباريس، وربما يحط بينهما في القاهرة، تكون الرئاستان الاولى والثالثة قد نشطتا وخصوصا بعد ولادة الحكومة على مسارين مترابطين يهدفان الى تعزيز الغطاء العربي والدولي للتهدئة في لبنان، والعمل بقوة على مسار تحييد لبنان عن الاستحقاقات الداهمة في المنطقة واهمها الاستحقاق الايراني الذي يمكن ان يرتد على لبنان من خلال مواجهة بالواسطة تجري على ارضه، ويستبدل فيها الاسرائيلي مواجهة مباشرة مع ايران بحرب شاملة ضد "حزب الله" واستطراداً ضد لبنان المكشوف امام العدوانية الاسرائيلية ووظيفة الحزب الاقليمية على حد سواء. وما الكلام الذي نقل عن الرئيس اللبناني في باريس من ان الحزب المشار اليه سيلتزم الهدوء سوى الاشارة الاوضح الى عمق المخاوف من استحقاق دراماتيكي يتهدد لبنان، وهو ليس من نسج الخيال ولا "فانتازما" سياسية على ما يعتبر البعض هنا. والمصالحات العربية – العربية ولا سيما منها تلك التي تعيد الحكم السوري الى النظام العربي متوافقا مع تجذر في العلاقات مع تركيا، واستمرار الغطاء الاسرائيلي، فضلا عن علاقات اوروبية بوابتها فرنسا ساركوزي، كل هذه العناصر تطمئن الى ان لبنان لن يكون بعد الآن ساحة لحروب الآخرين فهي لا تزيل القلق من احتمال ان يصبح ساحة بديلة لمنازلة الكبرى بين المشروع الايراني والنظام العربي ومن خلفه المجتمع الدولي
هذا يفترض ان يكون لبنان شديد الحذر، واكثر من ذلك ان يكون قادرا على ضبط اي مغامرة توريطية يقدم عليها اطراف داخلون قادون على توريط لبنان بتوفير ذريعة الحرب لاسرائيل على النحو الذي حصل في تموز 2006. واذا كانت جهة ما هنا تشعر بان التموضع السوري الجديد يحتمل ان يأتي على حساب تمددها في السنوات السابقة، فالحري التنبه الى نوع الرد على التموضع المذكور والحؤول دون ان يترجم بتوريط للبلاد في مغامرة كارثية تهدف الى خلط الاوراق مجددا
هنا يأتي الحديث عن القرار 1559 الذي رغم كل المذمات المعروفة المصدر التي لحقت به ما يزال صكا استقلاليا بإمتياز، وقد جرى نسخه من اتفاق الطائف. الكلام هنا موجه لمجلس الوزراء في ضؤ الدعوات الصادرة من هنا وهناك، والتي تلقى اصداء مشجعة في اروقة وزارة الخارجية لطلب إلغائه . فالقرار ضمان داخلي وليس فتنة . انما الفتنة هي في بقاء السلاح بيد فئة استخدمته ضد اللبنانيين وستعود الى استخدامه في كل مرة تشعر فيه بان ارادة اللبنانيين تتشدد في موضوع نزعه. والفتنة ليست في القرار 1559 بمقدار ما هي في بقاء السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، والفلتان داخلها، وبمقدار ما تستطيع فئة مستتبعة لاجندات خارجية ساعة تشاء ان تورط اربعة ملايين لبناني ولبنانية في حروب الآخرين ونيابة عنهم، ولا يقوى قانون ولانظام على منعها. والفتنة تبقى في مواصلة تهديد القرار 1701 ومحاولة تفريغه من مضمونه التنفيذي تارة بتهديدات الاسرائيليين وطورا بتوسع الدويلة على حساب الدولة
وللتذكير، فإن القرار 1701 قد تضمن في حيثياته الاشارة الى القرار 1559 والتعرض للقرار الاخير معناه ضرب احد اعمدة القرار 1701. وفي كلا الحالتين يبقى ان الدعوات الآتية من خلف الحدود اوتلك الموحى بها بالانابة لا تنزع عن القرارين هدفهما الصريح بـ"بسط سلطة الدولة اللبنانية على كل اراضيها"، وهو الامر المتعذر حاليا ، وآخر التجليات وقوف القضاء اللبناني والاجهزة الامنية ممنوعة من دخول مسرح حادثة انفجار مركز "حماس " في حارة حريك لأكثر من 19 ساعة
لقد سبق ان قلنا ان المصالحات اللبنانية اكثر من مطلوبة. ولكن المهم الا تأتي كما هو حاصل اليوم كمشروع غلبة على وحدة اللبنانيين وحقهم في في المساواة أمام القانون وفي حياة آمنة في ظل دولة الاستقلال التي دفعوا في سبيلها دماء غالية.