لا علاقة لشركة طيران الشرق الأوسط بحادثة الطائرة الإثيوبية، لكن هذه الشركة التي أسسها صائب سلام عام 1945، وأعيدت هيكلتها عام 2001 تستحق بعض المتابعة، وخصوصاً أن عنوان إعادة الهيكلة التي جرت بإشراف المصرف المركزي الذي يمتلك معظم أسهم الشركة، كان «إيجاد توازن طائفي في توزيع الموظفين»
محمد الحوت، رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة طيران الشرق الأوسط، كان مسؤولاً عن حسابات الشركة في المصرف المركزي، وقد اختاره حاكم المصرف، رياض سلامة، عام 1998، لقيادة عملية إصلاحها. لكن، يتبيّن اليوم أن نتيجة الإصلاح المفترض كانت تحويل الحوت الشركة إلى مؤسسة لعائلته أولاً، ولتيار المستقبل ثانياً
فقد سارع الحوت فور تحميله المسؤولية إلى تغيير معظم المديرين العامّين، وعدّل في بنية المؤسسة ونظامها الداخلي، مستحدثاً شركات جديدة ليربط كل المؤسسة في نهاية الأمر بشخصه.
استعان الحوت فور وصوله إلى المطار بعمّه، المدير المتقاعد في شركة طيران الشرق الأوسط، الحاج عادل الحوت. ومنذ ذلك الوقت تسلّم الحاج كل ما يتعلق بالتوظيف والترقيات. وتزامناً مع ذلك بدأ حملة تنصيب المقرّبين منه في المواقع الأساسية داخل الشركة:
■ في إدارة شركة طيران الشرق الأوسط العليا هناك 3 موظفين منتدبين من مصرف لبنان، هم محمد الحوت، أديب شريف ووائل حمدان. شريف مسؤول الـ IT في دائرة المعلوماتية، هو عديل الحوت، وبالتالي لا مشكلة بين الرجلين. أما حمدان ـــــ رئيس دائرة المالية، فقد حاصر الحوت صلاحياته عبر تواصله المباشر مع الموظفين الثلاثة الأدنى مرتبةً مهنية من حمدان، وهم عبد الله حفار ولينا سكر وأمل الشايب، والثلاثة مقرّبون من الحوت خصوصاً، ومن تيار المستقبل عموماً. والجدير ذكره أن حمدان كان في السابق مسؤولاً عن الحوت في مصرف لبنان
■ في قسم الهندسة، أحضر الحوت صديقه ياسين صبّاغ من الأردن، وعيّنه رئيس قسم، وعيّن قريبه عصام الحوت، مديراً للقسم، رغم وجود موظفين كثيرين في «الهندسة» أكثر خبرةً منه وأكفأ، علماً بأنّ الموظفين يرون أنّ قسم الهندسة هو من أكثر الأقسام أهميةً لتأثيره على سلامة المسافرين، وبالتالي، يقول هؤلاء، يمكن إعطاء الأولوية للقرابة على الكفاءة في قسم المبيعات، لكن ليس في قسم الهندسة.
نجح الحوت في تحويل الشركة التي يدفع اللبنانيون من جيوبهم حين تخسر إلى إمارة صغيرة خاصّة به
■ في قسم الموارد البشرية، حجّم الحوت رئيس القسم رمزي يونس، عبر توفيره الدعم المعنوي لكلّ من بديع النقيب وأنيس جميل، الذي عيّنه الحوت رئيساً لدائرة الخدمات (المشتريات ضمناً)، علماً بأن النقيب وجميل مقرّبان من تيار المستقبل. واللافت أن تعيين النقيب تجاوز مبدأ الأقدمية والتراتبية، حيث قفز الحوت به فوق السيدة عايدة غريّب والسيد عطا عازار الأقدم منه. فصلاحيات النقيب عملياً تجاوزت صلاحيات يونس وغريّب. يشار هنا إلى أن قسم الموارد البشرية يمثّل المدخل الطبيعي للراغبين في أن يوظّفوا في الشركة. واللافت أن الحوت استغنى بعد إمساكه بالشركة عن الامتحانات التي كانت تجريها الشركة لقبول الموظفين في معظم الأقسام، مفضّلاً إجراء مقابلات شخصية مع الراغبين في التوظّف، ليصدر بنفسه القرار النهائي بشأن قبولهم أو عدمه، مع الأخذ في الاعتبار أن «طيران الشرق الأوسط» شركة خاصة، وبالتالي لا تخضع لقوانين الموظّفين في الإدارة اللبنانية
■ في شركة الشرق الأوسط لخدمة المطارات (Meas) بارك الحوت تعيين النائب في كتلة المستقبل غازي يوسف ـــــ القريب بطبيعة الحال من الحوت. وهذه الشركة مسؤولة عن كل موظفي التنظيف والصيانة والعتالة. وثمة وجهة نظر تقول إن الحوت أخرج عدداً كبيراً من الموظفين (وخصوصاً عمال النظافة والعتالة والسائقين) من ملاك الشركة، ليحدّ من تأثيرهم في الانتخابات النقابية
■ في شركة الشرق الأوسط لخدمة الطائرات (Meag) هناك ريشار مجاعص، صديق الحوت. علماً بأن مجاعص تجاوز السن القانونية منذ أكثر من عشر سنوات. ويؤكّد أحد الموظفين أن إدارة الـ Meag تابعة شخصياً لمحمد الحوت
■ في قسم المبيعات والتسويق، هناك نزار خوري القريب جداً من الحوت أيضاً. والجدير ذكره أن الحوت يتدخّل في كلّ التفاصيل في قسم المبيعات وغيره، حتى في ما يتعلّق بمديري المحطات في الخارج
■ في دائرة الحجوزات أتى الحوت فجأةً بأميرة الزعتري، التي تنتمي إلى تيار المستقبل، وكانت مجرد موظفة عادية لتغدو مديرة لكل الحجوزات
■ عديله ماجد غندور، أتى معه بدايةً إلى الشركة بصفته سائقاً، ثم وظّفه في ملاك الشركة بصفة مرافق أمني، والآن يبقى في مكتبه دون تحديد واضح لوظيفته، ويتردّد بين الموظفين أن أجره مميّز جداً
■ قريبه وسيم عادل الحوت، كان يعمل في الشركة الكويتية، فوظّفه برتبة مساعد رئيس محطة مطار بيروت، ثم نقله إلى الأردن، ليعيّنه رئيس محطة هناك
■ ابن عم زوجته عبد الله حفار، تقاعد، لكنّ الحوت يجدّد له في القسم المالي، وهو المسؤول شبه الأول عن العائدات والنفقات الخاصة. وكل المصاريف التي هي أساساً من صلاحيات وائل حمدان، هي اليوم بتصرف عبد الله حفار
■ في الـcedar miles، عيّن الحوت سوسن قبيسي مديرة، وهي قريبة منه ومن تيار المستقبل
■ في الـyield management، طبّق الحوت قراره المانع لوجود مديرَين في القسم نفسه، فأبعد المديرة التي لا تسايره (رينيه لبط)، وأبقى منى العجوز القريبة من تيار المستقبل (كانت لبط مسؤولة عن العجوز، لكنها اتُّهمت بملف يتردّد أنه مركّب لتُبعد).
■ في المبيعات، رقّي غابي حلّاق مدير الفرع الرئيسي للمبيعات في الحمرا، ونُقل إلى الإدارة العامة، ليعيّن محلّه أمل الشايب ومحمد سبع أعين ـــــ الناشطين في تيار المستقبل
نجح الحوت بتحويل الشركة، التي يدفع اللبنانيون من جيوبهم الخاصة حين تخسر، إلى إمارة صغيرة خاصّة به، مستفيداً من 3 عوامل أساسية:
1ـــــ وجود غطاء سياسي قويّ، يتمثّل في كلّ من تيار المستقبل وحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة
2ـــــ تحقيق الشركة للأرباح
3ـــــ وجود مجلس إدارة مسالم جداً