العلاقة بين مسيحيي الأكثرية والحريري متأزمة

 




نقلت صحيفة "الأخبار" عن أحد أركان مسيحيّي الأكثرية السابقة، بأن هناك علاقة مأزومة مكتومة بين هؤلاء ورئيس الحكومة سعد الحريري. وهي أبعد من مسألة توزير أو نوع حقائب، أو حصة رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون، أو حتى زيارة دمشق. ويستدرك الركن نفسه، أن أياً من الفريقين ليس مسؤولاً عن تلك الأزمة


وشرح الأكثري المسيحي للصحيفة أن مسيحيي هذا الفريق آتون أصلاً من المشروع السيادي، وهو المشروع الذي كان يأمل ويعتزم بعد الانسحاب السوري، أن يستكمل تحقيقه، عبر إنجاز سيادة الأرض بمعالجة ملف السلاح غير الشرعي، الفلسطيني منه كما الحزبللاهي، وعبر إنجاز سيادة المؤسسات، بإنهاء التمديد غير الدستوري لرئيس السابق إميل لحود. غير أن أكثر من أربعة أعوام من مراوحة هذا المشروع مكانه، كانت كافية لظهور حسابات لبنانية وعربية ودولية، وخصوصاً سعودية، معقدة ومتشعبة، ومغايرة لتطلعات أصحاب هذا المشروع، وكانت كافية خصوصاً لتحول هذه الحسابات ضغوطاً على الحريري، فتعثرت المسيرة السيادية الباقية وسيطر الجمود السلبي


ورأى الركن نفسه أن المأزق في العلاقة بدأ عند هذه النقطة، اذ أصبح مسيحيّو الأكثرية أمام خيارين في العلاقة مع الحريري، كلاهما مستحيل: إما الطلاق معه، وإما مماشاته


وفصّل في استحالة الاحتمال الأول، أن هؤلاء المسيحيين لا يمكن أن يرتكبوا الخطأ نفسه مرة ثانية، بترك النظام السوري يستوعب الفريق السني الأول في لبنان. وهو الخطأ الذي يرى أنه تم الوقوع فيه عام 1992، يوم تمكنت ترويكا الشهابي-خدام-كنعان، من الاتفاق مع رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ليكون طوعاً أداة في تركيبتها اللبنانية. فجاءت به الى السلطة في بيروت، وغطت بواسطته كل تركيبتها الداخلية. كما نجح هو في تقديم خدمات جلى لها، عبر امتصاص المواقع الدبلوماسية الخمسة التقليدية للنظام اللبناني، من واشنطن وباريس وروما، الى القاهرة والرياض. ورأى الركن نفسه أنه لولا تحالف تلك الترويكا السورية هذا مع "الشريك السني" لما تخطت "دميتها" اللبنانية أزمة انتخابات عام 1992.
انطلاقاً من هذه العبرة التاريخية الحية، رأى الركن نفسه أن الخلاف بين مسيحيي الأكثرية وسعد الحريري، على خلفية موازين القوى الأخيرة، أمر ممنوع ومحظور


أما لجهة الاحتمال الثاني فاعتبر هذا الركن أن على حلفاء الحريري المسيحيين في المقابل، عدم الرضوخ لظروفه الاقليمية واعتباراته العربية، وخصوصاً أنهم غير معنيين بها. ذلك أن مثل هذا التسليم منهم، قد ينتهي إلى إلحاق الأذى القاتل بهم وبالحريري نفسه، وبالتالي بالمشروع الاستقلالي السيادي الطري العود. ولذلك فإذا كان الطلاق ممنوعاً، فإن الإذعان محظور أكثر


من هنا، رأى الركن المسيحي المحاور والمبادر، أن المطلوب عودة مسيحيّي الأكثرية الى حرية حركتهم المبدئية، واستعادتهم هامش مبادرتهم السياسية الكاملة، على نحو مستقل عن ذلك الفريق، ولكن متناغم ومتناسق معه


ولمح الركن نفسه الى أن خطوة كهذه كانت منتظرة في جلسات المجلس النيابي، لمنح الحكومة الثقة، وخصوصاً من قبل القوى المسيحية الحزبية المنضوية ضمن الفريق الحريري، كي لا تقع فريسة كماشة سياسية، بين خطاب عون الراجح في تموضعه من جهة، وقواعدها المصدومة من جهة أخرى. لكن المفاجأة – المفارقة أن أياً من هذه القوى الحزبية لم ينبر إلى تلقف هذا الدور، في شكل جدي علمي أو صدقية، فضلاً عن العجز في شكل أداء هذا الدور