الدستور اللبناني المغيب – باسل مرعب
















قيل أن هناك عرفاً سياسياً لبنانياً يقضي بعدم توزير المرشحين الخاسرين في الإنتخابات النيابية ، في التشكيلة الحكومية التي تلي تلك الإنتخابات ، وذلك إستناداً إلى مبدأ يقول " من لفظه الشعب لا تبلعه الحكومة " .

قد يكون مصيباً من اخترع وفبرك هذا العرف ، وقد يكون مخطئاً ، لكن ما هو ثابت وظاهر كعين الشمس ، أن العرف نسف الدستور عن بكرة أبيه وأزاحه في كثير من الأمور المفصلية في حياة الدولة الغارقة في مستنقع المحاصصة والطائفية .

ولو قمنا بجولة سريعة على المناصب السياسية والأمنية ، البارزة والحساسة ، ودققنا في مذهبية كل منصب وبالأساس الذي تستند عليه لوجدنا أنه : العرف . فمثلاً :

أن يكون رئيس الجمهورية مارونياً : عرف

أن يكون رئيس الجمهورية قائداً للجيش : عرف " جديد "

أن يكون رئيس مجلس النواب شيعياً : عرف

أن يكون رئيس مجلس الوزراء سنياً  : عرف

أن يكون نائب رئيس مجلس الوزراء أرثوذكسياً : عرف

أن يكون قائد الجيش مارونياً  : عرف

أن يكون مدير المخابرات في الجيش مارونياً : عرف

أن يكون مدير عام قوى الأمن الداخلي سنياً : عرف

أن يكون مدير عام الأمن العام شيعياً : عرف

أن يكون مدير فرع المعلومات سنياً : عرف

وكل وظيفة حكومية من الفئة الأولى إلى الفئة الألف ، قائمة على العرف .

ولو نفضنا الغبار عن دستورنا المغيب ، ووضعنا المجهر على مادته السابعة ، لرأينا ما هو مقدس وحافظ لكرامة كل لبناني وداحر لكل تلك الأعراف  :

"  كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم . "

إذاً أين الدستور من كل هذه المهزلة الحاصلة في بلدنا يا أخوان ؟

ومن هو هذا المتبجح صاحب تلك الأعراف الذي يحرمني ويحرمكم ويحرم كل شخص طموح ، مسسلماً كان أم مسيحياً ، من تولي أي منصب أو وظيفة إذا كان على قدر عال من الكفاءة والمسؤولية ومستوفياً كل الشروط؟

هل أقسم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أثناء مراسيم تنصيبه في البرلمان على مرأى ومسمع من اللبنانيين برمتهم ، على دستور أم عرف ؟

من قال أن سياسياً شريفاً كمصباح الأحدب ، خسر الإنتخابات بعد مؤامرة حيكت ضده من الصديق والخصم ،  لا يستأهل أن يكون وزيراً فقط لأنه خسر مقعده النيابي ؟

ومن قال أنه ممنوع على جبران باسيل ، رغم إختلافي معه سياسياً ، ورغم عدم إمتلاكه لأي كاريزما سياسية ، أن يكون وزيراً ؟

إذا كان لا مناص من عدم توزير الراسبين في الإنتخابات ، فأنا أطالب بتعديل هذا العرف بإضافة عدم توزير الناجحين أيضاً ، ولتكن حكومة تكنوقراط بإمتياز .

 




[email protected]