ما هي مسؤولية معسكر سوريا وأبرز حلفائها ترجمةً للتسهيل؟ – نصير الأسعد – المستقبل

في المشهد العام "الحالي" في البلاد، يمكن القول إن ثمة في السياسة ثلاثة "معسكرات".
الاول هو معسكر 14 آذار الذي يدعم الرئيس المكلف سعد الحريري في خياره تشكيل حكومة ائتلاف وطني تنطلق من نتائج الانتخابات، ويعتبر أن له "مصلحة" في نجاح الرئيس الحريري في مهمته، ويقدم كل التسهيل في سبيل هذا الهدف.

معسكر سوريا وحلفائها..وجنبلاط
الثاني هو المعسكر الذي يجمعُ أبرز حلفاء سوريا، وتحديداً الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية من ناحية الى رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط بـ"خصوصيّته" من ناحية ثانية.
الفارق بين المعسكرين هو أن الاول "لا يزال" متشكلاً بوصفه معسكراً، فيما الثاني ليس متشكلاً كمعسكر إنما هناك تقاطعات سياسية بين أركانه، وتحديداً بين بري وجنبلاط. والحال أن جنبلاط لم يعُد في 14 آذار لكنه لا يزال ضمن الأكثرية النيابية ويحرص على علاقته بالحريري، ولم ينتقل الى 8 آذار وإن كان حريصاً على مدّ الجسور مع طرفي الثنائية الشيعية فيه خصوصاً. أما بري وفرنجية فهما كل بأسلوبه يظهران نسبةً من "التمايز" عن بعض حلفائهما من دون الذهاب الى ما هو أبعد من ذلك.
بكلام آخر وباختصار، برز هذا المعسكر الثاني على تقاطع مجموعة من العوامل أبرزها الموقع "الجديد" لجنبلاط من جهة وإشارات "الإختلاف" السوري عن إيران في بعض المجالات من جهة أخرى.
على أن بين المعسكرين الاول والثاني مشتركاً إذا جاز القول هو أنهما معاً وإن بتقديرات مختلفة، على تقاطع مع ما سمّي "التقارب" السعودي السوري عربياً وإقليمياً.




معسكر "حزب الله" ـ عون
يبقى المعسكر الثالث، وهو القائم على التحالف بين "حزب الله" و"التيار العوني". و"وقائع" المسألة الحكومية منذ حزيران الماضي لا تدع مجالاً للشك في أن تشكيل الحكومة تأخر حتى اليوم "عند" مطالب "التيار" وشروطه. كما تشير "الوقائع" الى أن "حزب الله" لم يجعل المتابعين قادرين على أن ينسبوا اليه دوراً تسهيلياً. لا بل يبدو إعلامُه "الرسمي" في الكثير من الأحيان أكثر اهتماماً بإبراز العقد وتكبيرها من إهتمامه بـ"التخفيف" من حجمها أو الدعوة الى حصرها.

وإذا كان المعسكرُ الثاني برز على تقاطع مجموعة عوامل من بينها إشارات "الإختلاف" أو "التمايز" السوري عن إيران، وإذا كان المعسكران الأول والثاني يقفان الآن معاً على تقاطع معين مع "التقارب" السعودي السوري، فإن المعسكر الثالث أي "حزب الله" تحديداً، يقيمُ بطبيعة الحال على بُعد إيراني إقليمياً.
في المشهد العام الحالي إذاً، يظهر أن معسكر 14 آذار مع تشكيل الحكومة وذو مصلحة فيه، وأن معسكر أبرز حلفاء سوريا يُعلن انه مع تسهيل تشكيل الحكومة، فيما لا يزال يترجم ذلك بدعوة معسكر 14 آذار الى مزيد من التنازلات، في حين أن معسكر "حزب الله" عون لا يزال ممتنعاً عن التسهيل أو "غير مستعجل" لحصول التأليف.

فريق 8 آذار لم يصبح إثنين
في ضوء هذا "التوصيف" من دون تدخّل للمشهد، لا يُمكن القول إن فريق 8 آذار صار إثنين. ولا يمكنُ القول إن فرزاً يحصلُ بين "جناحَين في داخله، واحد سوري وثانٍ إيراني على إيقاع "التمايز" بين دمشق وطهران. وليس مطلوباً، وليس مهماً أن يصبح 8 آذار إثنين. هذا فضلاً عن أن "واقع" العلاقة السورية الإيرانية لا يفيد بذلك، وليس من مؤشر الى أن العلاقة السورية الإيرانية ذاهبةٌ في هذا الاتجاه.

معسكر سوريا: هل "يضغط" للتسهيل؟
غير أن كل المقدمات الآنفة التي توخت "التوصيف" تقودُ الى إستنتاج أن إنتقال المعسكر الثاني من موقف إشهار الرغبة في التسهيل الى موقف الضغط على المعسكر الثالث لجعل تشكيل الحكومة يحصل، هو الإنتقال الذي من شأنه أن يحدث تطوراً على صعيد تأليف الحكومة. أي أن المقصود أكثر ضمن المعسكر الثاني هو سوريا وأبرز حلفاء سوريا، على إعتبار أن لوليد جنبلاط موقفاً داعماً للرئيس المكلف من دون تحفّظ أو شروط.
هنا، تطرح مجموعةٌ من الأسئلة، التي تنطلقُ من فرضية أن سوريا جادة في إلتزامها تجاه المملكة العربية السعودية بالتسهيل.. وبوقف التعطيل، وأن كل ما يبدُر من "نوايا" ليس تكتيكات، وأن سوريا لا تقول شيئاً وتضمُر شيئاً آخر.

..الأسئلة المطروحة عليه: ماذا بعد؟
هل تستطيع إيران أن تعطل رغبةً سورية جادة في التسهيل؟ أي هل لإيران القدرة "الآن" على احتمال مواجهة هكذا رغبة سورية إذا كانت الرغبة جادة؟ أي هل أن إيران في وضع يمكّنها من التعطيل أو مواصلته إذا كانت نيتها كذلك بالفعل في هذه اللحظة الإيرانية الداخلية الإقليمية الدولية بالتحديد؟
ألا تستطيع سوريا وأبرز حلفاء سوريا معها أن يحددوا موعداً "ملزماً" لوقف التعقيد أو التعطيل أو "التباطؤ" من جانب المعسكر الثالث؟ أليس في وسعهم مثلاً إبلاغ المعسكر الثالث أن ثمة مهلة زمنية تنتهي بتاريخ كذا؟
وما هو موقف سوريا وأبرز حلفاء سوريا فيما لو حددوا موعداً "ملزماً" وبقي المعسكر الثالث على خياره؟ ماذا يقترحون عندئذٍ بشأن المسألة الحكومية وبشأن كل ما يتفرع عنها؟ ماذا يطلبون من المعسكر الاول، معسكر 14 آذار والرئيس المكلف؟
في أقل تقدير، هل يكفّون عن مطالبة الرئيس المكلف و14 آذار بمزيد من التنازلات "كي يرضي التيار"، وعن اعتبار أن ما عرض على "التيار" غير مقنع حتى الآن؟!

.. والمسؤولية التي يتحمّل
إن التوجه الى معسكر سوريا وأبرز حلفاء سوريا، غير مطروح البتة من زاويتَين رئيسيتَين. لا هو مطروح من زاوية "التقريب" بين المعسكرين الاول والثاني، ذلك انه بإستثناء العلاقة الخاصة لوليد جنبلاط بالرئيس الحريري وموقعه ضمن الأكثرية النيابية، يستحيلُ التطرق الى إحتمال هكذا.. لأن معسكر سوريا وحلفائها ليس "وسطياً". ولا هو مطروحٌ من زاوية "الإستنجاد" بهذا المعسكر أو من زاوية الطلب الى سوريا التدخل. انه مطروحٌ من زاوية واحدة وحيدة: أن يتحمّل معسكر سوريا وأبرز حلفاء سوريا مسؤوليته أمام من التزم تجاههم وأمام اللبنانيين تحقيقاً للتشكيل.. وفتحاً لصفحة جديدة أمام البلد، أي أن يلعبوا دوراً "فعلياً" في هذا الاطار