مجزرة بلوشستان التي وجهت ضربة قاسية الى الحرس الثوري هي عمل ارهابي مدان ومستنكر بكل المقاييس. ولائحة الاتهام الواسعة مبررة ومفهومة بالحسابات السياسية وسواها. فليس لدى الجمهورية الاسلامية في ايران نقص في الأعداء، وعلى رأس اللائحة أميركا واسرائيل. ولا نقص في صفوف المعارضين في الداخل، سواء على مستوى الحراك تحت سقف النظام كما حدث بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة أو على مستوى التململ عند أقليات إتنية ومذهبية. ولا نقص أيضاً في الاتهامات الموجهة الى طهران من دول كبرى مخيفة ودول صغرى خائفة حول رعايتها لـ (الارهاب) وتدخلها في الشؤون الداخلية لدول عدة.
ومن الطبيعي ان تسارع طهران الى اتهام أميركا وبريطانيا والباكستان بالوقوف خلف المجزرة، بصرف النظر عن نفي هذه العواصم وانكارها لأي دور واعلان استنكارها للعمل الارهابي. فهتاف (الموت لأميركا) الذي ردّده النواب في مجلس الشورى بعد قول رئيسه علي لاريجاني (ان اوباما الذي مد يده لايران أحرقها بهذا العمل، هو ركن استراتيجي وايديولوجي في سياسة النظام منذ رفعه الامام الخميني.
والبعض كان يسأل دائماً عشية كل محاولة للحوار بين واشنطن وطهران إن كان النظام راغباً أو قادراً على التخلي عن هذا الركن.
ذلك أن المجزرة جاءت بعد كلام كبير لنائب قائد الحرس الثوري وعشية اجتماع فيينا بين ايران ومجموعة (5+1) للبحث في الملف النووي. الجنرال حسين سلامي قال: (ايران تقف في هرم القوى العالمية، وهي مركز الثبات والاستقرار في المنطقة، ولا يمكن تسوية أية معادلة من دون حضورها على الساحة). فهل المجزرة هي الرد الذي يوحي أن ايران ليست مستقرة وثابتة? وهل هي جزء من عمليات مستمرة للرد على تخصيب اليورانيوم بنوع من (تخصيب) الخلافات الاتنية والمذهبية في ايران?
ليس سراً أن واشنطن التي تسلم بموقع ايران كقوة اقليمية مهمة تراها في الوقت نفسه (ثقوة زعزعة الاستقرار) في المنطقة وتسعى لأن تصبح بالحوار وضمان المصالح المشتركة قوة استقرار. ولا ان طهران التي تواجه تحديات داخلية تميل دائماً الى وضعها في خانة (الاستكبار العالمي) بدل مواجهتها بالحلول السياسية. ولا فرق سواء كانت التحديات من النوع الذي يخلق منظمة تمارس الارهاب مثل (جند الله) في بلوشستان أو من النوع الذي يدفع ملايين الشباب والنساء الى التظاهر في طهران على خلفية الانتخابات الرئاسية. فالقمع يعمق المشكلة بدل أن يحلها. ويقود الى المزيد من القمع لا الى الحل. والحوار هو المخرج الوحيد من الحلقة المفرغة في التحديات الداخلية والخارجية.