I
ما ادلى به اللواء الركن جميل السيد يستدعي ردا مفصلا مفندا بالاسماء والوقائع، لا ردا شكليا يتوقف امام النبرة الغضوب، المتعالية والاستفزازية، ولا ردا سياسيا عموميا يكتفي بالاتهامات او نبش كامل السيرة السياسية والامنية للواء (بالنسبة إليّ تحتل مطاردته الشهيد سمير قصير موقعا اساسيا في هذه السيرة).
لا يكفي القول ان النظام السوري يطلق حملة شرسة، مبرمجة، متصاعدة، ضد المحكمة الدولية سترتفع وتيرتها تباعا. هذا صحيح قطعا، لكن المهم هو رفد هذا الاتهام السياسي برد مقنع على مجمل ما ساقه السيد، يخاطب المواطن "العادي" الذي لا يملك الحيثيات والوقائع، وينعش ذاكرته.
يصح الامر نفسه على السجال مع العماد ميشال عون. فمقارعته تستوجب تجهيز ردود تتناول تفاصيل ما يدأب، هو ونوابه، على ايراده من اتهامات بحق الاكثرية.
لقد امضينا سنوات في "الزجل السياسي". فلنذهب الى ما هو رصين منطقا وحجة.
II
اريد ان افهم اصرار العماد ميشال عون على تمثيل وزاري يعادل تمثيله النيابي، او يدانيه.
اريد ان افهم ولو بصعوبة، اصراره على وزارات "دسمة"، رغم ان التمييز بين وزارات "سيادية" ووزارات غير "سيادية" مثير للعجب، في بلد باتت مفاهيم السيادة فيه خواء مطلقا، بعدما التهم الخارج الاقليمي والدولي كل مقومات الداخل المحلي.
لكن ما يعزّ علي فهمه هو اختياره الوزير زياد بارود هدفا لحملاته، وهو الذي اثبت كفاية مهنية وسياسية عالية فضلا عن "قماشة" اخلاقية يُشتهى ان تتوافر لدى جميع السياسيين، وخصوصا مع "حالة فساد" عميم تخترق النسيج الاجتماعي والسياسي، سواء بسواء.
اذا كان العماد عون يعتبر زياد بارود بمثابة "ابن" له، كما صرح مرة، فهل من تفسير عقلاني لاصراره على انتزاع وزارة الداخلية، سوى الدخول في نزاع مكشوف مع رئيس الجمهورية، انتقاما لمعركة جبيل الانتخابية، الا اذا كان ثمة ما يتجاوز افهامنا؟
وهل يراد لوزير فهيم ونظيف ان يدفع ثمن المماحكات الشخصية، وثمن الامزجة المتضاربة، وثمن العناد البالغ حدود السماء؟