ماذا لو كنت متفوقاً في دراستك ؟ وما حصدت يوماً سوى التقدير والإعجاب باصرارك واجتهادك وتصميمك على أن تكون الأفضل ؟
الأفضل بين زملائك ، بين المنافسين ، الأفضل في رصد أفضل النتائج والأفضل في مجتمعك وتصميمك على الإرتقاء بحال وطنك
هذا حل متفوقوا العالم الذين باجتهادهم يفتحون لأنفسهم أبواب الدنيا والتقدم والرقي ..
متفوقوا العالم نعم لكن ليس متفوقي لبنان ..فجزأنا من العالم يتفرد بعالمه الخاص!
فللبناننا طريقة تعامل خاصة ونموذجية مع المتفوقين دراسياً تقتضي بوضع كل ما يمكن من عراقيل لطموحهم وتجيبهم بمعاملة مجهودهم بكل إستهزاء ولا مبالاة وبطريقة فريدة بتسييس ما لا سياسة له
ولنفسر لكم أكثر عن أسلوب لبنان الفريد في التعاطي مع المتفوقين دراسياً ، أجرى موقعنا حديث خاص مع الطالبة المتفوقة علا أسعد الأولى عن محافظة البقاع فرع علوم الحياة والسادسة على لبنان
علا استهلت الحديث بالقول "نحن بشر عاديين ، لنا حياتنا الإجتماعية ، لسنا كما يصوروننا ويضعونا تحت عنوان الانطوائيين والمنعزلين ، فتلك النظرة بهتت ، نحن شباب نابض بالحياة والعلم ، وهبنا الله الطموح وسلبنا إياه الوطن !
فترة ما بعد شهادة الثانوية العامة هي أصعب فترة في حياة الشاب ، فاثنائها يحدد مصير حياته بأكملها ، فعندما تكون متفوقاً تخال أن واقع هذه المرحلة سيتبدد وأن مصطلح تكافؤ فرص الذي نسعى جاهدين لحفظ معناه في المدرسة سنلمسه لمس اليد وها نحن نحس بلهيب احتراقه أمام أعيننا ،
علا ، فتاة البقاع توجهت إلى الجامعة الأميركية في بيروت معرّفة عن نفسها بصفتها الأولى عن البقاع ، طالبة تريد دخول كلية الطب ظناً منها أن طالبة مثلها ستلقى الأذرع مشرّعة لإستقبالها فما وجدت سوى معاملة جافة واعتبارها مثلها مثل باقي الطلاب بالإضافة إلى رفضهم منحها مساعدة مالية ، فتوجهت علا إلى جامعة بيروت العربية علها تلتمس بعض الفرق في المعاملة فكان ذلك الفرق في المدة التي قدتها علا على الطريق من البقاع إلى بيروت طوال شهر كامل ..
شهر تقول عنه علا أنه كان شهراً حمل لها مهانة وقلة شأن لم تحسه من قبل ، فكل مرة كانت تنزل من البقاع وفق موعد من الجامعة ودائماً ما يتحول هذا الموعد إلى موعداً مع الانتظار وليس الحل ، إلى أن وافقت الجامعة أن تعطي علا منحة دراسية ال-٣ أشهر فقط !
وعن سؤالنا ايها لمَ لم تتوجه ببساطة إلى الجامعة اللبنانية وتوفر على نفسها مشقة البحث عن المنحة أجابت أنها تسعى لشهادة في الطب من جامعة خاصة لأن فرص العمل تتوجه أسرع إلى الخريجين من الجامعات الخاصة و يجدر الإشارة هنا إلى أن علا في كل الأحوال مضطرة أن تترك ضيعتها سحمر والتوجه إلى العاصمة نظراً للإنماء المعدوم في القرى وغياب الجامعات عنها إذا فعبء السكن في العاصمة يضاف أيضاً إلى اعباء الاهمال الاخرى و يزيد علا خوفاً وترقباً وحيرة ..
وعن سؤالنا لها عن وجود أية جهة تكرم هؤلاء المتفوقين أجابت أكيد تكرمنا من قبل الوزيرة بهية الحريري لكنها لم تخصص سوى الثلاثة الأول بمنحة قدرها عشرة ملايين إلى الجامعة الأميركية في بيروت وللبقيية تكريم معنوي ولكن حتى هذه الملايين العشر لا تكف شيء في ظل إرتفاع الأقساط الجامعية ..
وعندما أضفت لها أنها إن لم توافق في الجامعة الخاصة فالجامعة اللبنانية موجودة وإن كانت شهادتها كما تزعم أقل شأناً من شهادات جامعة خاصة فضحكت وأجابت أن لها صديقة متفوقة أيضاً من البقاع ، لجأت إلى الجامعة اللبنانية بغية دخول كلية الهندسة فواجهت هندسة سياسة الإنتماء السياسي فأضطرت إلى دخول كلية العلوم التي ما طمحت يوماً بالدخول إليها ..حينها عرفتُ سبب زيادة القلق الذي اعتراها حين عمدت للتخفيف عنها بإقتراح "الجامعة اللبنانية "..
وعند سؤالنا اياها إن كانت على إستعداد للسفر والدراسة خارج لبنان أجابت بالتأكيد واني شبه متأكدة أنهم سيقدرون طموحي وسأستطيع بناء ما لطالما حلمت به واتمنى السفر بعيداً عن هذا البلد
علا أسعد من ثانوية سحمر الرسمية في محافظة البقاع فرع علوم حياة ، أدهشت يوماً استاذها في الصف التاسع عندما بدأت بالتساؤل عن أمور في الفيزياء يطرحها التلامذة الأكبر منها بكثير ، نفسها الطالبة التي تواجه الأن صعوبة في دخول كلية الطب وتحلم بالسفر خارجاً بغية تحقيق حلمها والتي ضاقت ذرعاً من أن يحددوا أحلامها ويقللوا من شأن اجتهادها ومثابرتها
فإلى متى سيهمل لبنان شبابه ويعود لمناداتهم ؟ إلى متى سنُطالب بحب وطن حباً أحادياً ؟ إلى متى سننتخب نواباً يعدوننا بالإنماء وننمو نحن وينموا اولادنا ولا إنماء ؟
دينا جركس