مصلحة لبنان اولاً – نايلة تويني – النهار

أياً تكن الظروف والملابسات التي أدت إلى حصول صدامات وإشكالات في الجنوب، وتحديداً في منطقة جنوب الليطاني، فان المصلحة الوطنية العليا، التي تعلو كل المصالح والحسابات، تقتضي بان يتمسك لبنان بالقرار 1701، ولا يعرّض صدقيته في التزامه، التزاماً كاملاً غير مشكوك فيه، لأي اهتزاز. فإسرائيل تفيد في الدرجة الأولى من كل ثغرة تحصل أو تفتعل ما بين الجيش اللبناني والقوات الدولية، وكل تطور امني في الجنوب يشكل ذريعة لها للطعن في التزام لبنان هذا القرار الدولي. وكان الدليل القاطع إلى ذلك ان إسرائيل سارعت إلى توظيف ما جرى في الاتجاه الذي لا يلائم لبنان قطعاً، وحاولت الضرب على وتر خلق شرخ ما بين الجيش والقوات الدولية، مما يعني أنها مستاءة من الوضع الذي أرساه انتشار الجيش في المنطقة الحدودية، والتنسيق القائم مع قوات اليونيفيل. لكن ذلك لا يعفي الجانب اللبناني من مسؤولية تنفيذ التزاماته بكل جدية. لذلك إن التحقيق الذي يجريه الجيش اللبناني والقوات الدولية في حادث انفجار مستودع للذخائر في خربة سلم، ينبغي ان يكون واضحاً وشفافاً وحاسماً، يسمي الأمور والجهات بأسمائها، لان وجود هذه القوات يشكل المظلة الدولية للبنان التي تكفل بقاء المجتمع الدولي شريكاً وشاهداً وحاضراً حيال كل ما قد يحصل في جنوب الليطاني، وعلى الاخص من الجانب الاسرائيلي. نقول بصراحة انه على رغم ان القوات الدولية لم تتمكن مرة من منع الاجتياحات الإسرائيلية للجنوب ، فان بقاءها يظل افضل بكثير من تركها لبنان يواجه وحيداً خطر اعتداءات إسرائيل وأطماعها وانتهاكاتها. بل ان الاشد ضرراً بلبنان هو التشكيك في القرارات الدولية، لان القرار 1701 ضمن على الاقل انسحاب إسرائيل بعد احتلالها الأخير عقب حرب تموز العام 2006، وحتى "حزب الله"، الذي لا يخفي تشكيكه في هذا القرار، وافق عليه بدافع تحرير الأرض.

وإذا كانت الحوادث التي حصلت أخيراً، شكلت مبعث قلق متجدد على الوضع في الجنوب ، فإن ذلك يشكل ايضاً حافزاً قوياً للبنان، السياسي والرسمي والعسكري، لإعادة الثقة بسرعة إلى علاقته بالقوات الدولية، وإزالة ذيول هذه الحوادث، لعودة الأمور إلى سكتها الطبيعية، لكي يبقى المجتمع الدولي مستنفراً إلى جانب الحق اللبناني وعدم فقدان البوصلة تحت وطأة المزايدات الداخلية، فمصلحة لبنان هي اولاً واولاً، وقبل كل شيء.