هل يقلب سليمان طاولة الحكومة أم يظل إسهامه في التأليف هامشياً؟ – ابراهيم الأمين – الأخبار

تتداول الأوساط السياسية معلومات عن احتجاج عميق، لكنه لا يزال مكتوماً إلى الآن، عند رئيس الجمهورية ميشال سليمان بشأن ملف الحكومة، وعن أن الجميع سيُصدَمون بموقف الرئيس إذا لم تكن التشكيلة تتناسب وما تفترضه الخطوط العامة الوفاقية من جهة، وما يتيح له أداء دور واضح وفعال من جهة ثانية.

وبحسب هذه المعلومات، فإن الرئيس سليمان يُبدي انزعاجاً واضحاً من كون القوى المتشاورة في الملف الحكومي لا تتعامل معه بوصفه شريكاً كاملاً في هذه المفاوضات، بل تعمد إلى وضعه في صورة الاتصالات على طريقة من يضع الآخر في أجواء ما يقوم به أو يعطيه العلم والخبر لا أكثر ولا أقلّ. وتضيف المعلومات أن أكثر ما يُزعج رئيس الجمهورية هو نسبة مواقف ومطالب إليه، بما في ذلك تحميله مسؤولية بعض المواقف أو الخطوات التي صدرت عن جهات من دون التنسيق معه. وكان لافتاً، في هذا السياق، نفي مصادر بعبدا أن يكون الرئيس قد أوفد أحداً إلى سوريا أو غيرها، وهو ما أكده أيضاً مرجع أمني قال إنه قام بزيارة لسوريا للتنسيق في أمور تخصّ عمله، لا بصفته موفداً من الرئيس سليمان، رغم العلاقة الخاصة التي تربطه به.
ويبدو أن احتجاجات الرئيس تشمل الجميع من دون استثناء. من الرئيس المكلف سعد الحريري وقيادات 14 آذار، إلى قيادات المعارضة نفسها، مع التركيز على أن الرئيس محبط إزاء عدم التزام أحد بالكلام المعسول عن دور الرئاسة والرئيس في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية. وينقل مقربون التفصيل الآتي:




أولاً: إن فريق المعارضة لم يعدّل موقفه من دور الرئيس، وهو أن الطروحات الخاصة بالثلث الضامن تعني عملياً عدم الثقة بالرئيس ضامناً، كذلك إن فكرة النسبية المقترحة من العماد ميشال عون تعني ضمناً أن حصة الرئيس الوزارية ستكون على شكل صدقة يتقدم بها الطرفان.

ثانياً: إن الإشارات الواردة من فريق الرئيس المكلف وحلفائه، تدل على رغبة هؤلاء في العودة إلى الإمساك بوزارات أساسية، في إشارة إلى «أزمة ثقة» بالدور الذي أداه الرئيس في هذه الوزارات من خلال ممثليه، ولا سيما في وزارة الداخلية.

ثالثاً: إن الفريق المسيحي في 14 آذار عاد وبلع كل الكلام السابق، وهو يرى أن أي تعزيز لحصة الرئيس الوزارية يجب أن يكون على حساب فريق المعارضة، لا العكس.

وبما أنه لم يتضح وجود نقاش واسع حول رئيس الجمهورية بشأن طريقة حضوره داخل الحكومة، إلا أنه يمكن تلمس آراء عدة، بينها من يقول إن عدم حصول الرئيس على سبعة وزراء على الأقل مع حقائب أساسية يجب أن يدفع الرئيس إلى عدم المطالبة بأي حصة، وبالتالي الابتعاد عن النقاش ـــــ المحاصصة، وأداء دور الحكم انطلاقاً من وقائع وإمكانات يتيحها الدستور للرئيس بمعزل عمّا إذا كان لديه حصة أو لا.
في المقابل، هناك رأي قوي يقول بأنّ على الرئيس سليمان أن ينتزع موافقة الأطراف المعنية على تسلم حصة جدية، وأن يجعل الأمر شرطاً واضحاً يضاف إلى شرطه الخاص بتأليف حكومة متوازنة حتى يقبل التوقيع على مراسيم تأليف الحكومة.
إلا أن النقطة الأهم تتعلق بالنقاش بين الرئيس سليمان والرئيس المكلف ومراجعة تجارب المرحلة الماضية، وخصوصاً تلك التي تخص تجربتي الرئيسين إلياس الهراوي وإميل لحود مع الحريري الأب، حيث يتحول أي إشكال بين رئيسي الجمهورية والحكومة إلى سبب معطّل للسلطة التنفيذية. ثم إن هذا الأمر يمكن أن يُعطي إشارة إلى تصورات رئيس الجمهورية بشأن الملفات الاقتصادية والمالية والإدارية، فيما يسعى الرئيس المكلف إلى إعادة العمل بكل السياسات التي اعتمدها والده الراحل والتي استمر بها الرئيس فؤاد السنيورة.
أما بشأن الشق الخارجي من الملف، فإن زوار الرئي
س ينقلون عنه استمرار تشاوره مع القيادات العربية المعنية في سوريا والسعودية، لكن الأمر ليس بالصورة التي يتخيلها البعض أو تلك التي يروِّج لها مقربون من الرئيس، وخصوصاً أن اللاعبين المحليين الأساسيين لا يشيرون صراحة إلى أن النقاش القائم بين السعودية وسوريا موجود بتفاصيله وأبعاده وخلفياته على طاولة الرئيس سليمان الذي لا يملك بيده الآن سوى الكلام المعسول الذي يتبارى الموالون والمعارضون في زيادة كميته بمناسبة ومن غير مناسبة