تداخل بين مساري تشكيل الحكومة اللبنانية والتقارب السوري السعودي





 تسير المشاورات الهادفة الى تشكيل حكومة لبنانية جديدة على خط مواز للاتصالات السورية السعودية التي شهدت تراجعا خلال الايام الاخيرة ما قد ينعكس تأخيرا في ولادة الحكومة.

ويقول مدير مركز كارنيغي للدراسات في الشرق الاوسط بول سالم "هناك تحالفات بين اطراف لبنانيين وسوريا والسعودية والولايات المتحدة، وان تشكيل حكومة ائتلافية وتأمين الاستقرار يفترضان، في ظل هذا الواقع، عدم مخاصمة سوريا والسعودية والولايات المتحدة".

وجرت اخيرا اتصالات سورية سعودية بينها لقاء بين الامير عبد العزيز بن عبد الله، مستشار العاهل السعودي، والرئيس السوري بشار الاسد في دمشق تناول التطورات في لبنان بعد الانتخابات النيابية التي فازت فيها قوى 14 آذار المدعومة من الغرب والسعودية باكثرية 71 مقعدا مقابل 57 مقعدا لقوى 8 آذار المدعومة من سوريا وايران.

وتم اللقاء اثر تكليف سعد الحريري، ابرز اركان الاكثرية النيابية، تشكيل الحكومة التي لم يرشح شيء عنها بعد مرور عشرة ايام على التكليف، علما ان لا مهلة محددة قانونا في لبنان لتشكيل الحكومة.

واعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري الاربعاء ان "لا وجود لازمة، بل المطلوب وقت لتأليف الحكومة، ولا يزال هذا التأليف ضمن فترة السماح".

ورغم التكتم الرسمي على مضمون الاتصالات السورية السعودية، استفاضت وسائل الاعلام في الحديث عن تقارب يسهل تشكيل الحكومة اللبنانية، وصولا الى تحديد موعد لقمة سورية سعودية في دمشق لم تنعقد.

وتحدثت صحيفة "الوطن" السورية المقربة من السلطات الاربعاء عن "تعثر في بعض التفاهمات العربية ينسحب سلبا على مجمل مسار تشكيل الحكومة العتيدة"، واشارت الى ان "المناخات الايجابية التي سادت الاسبوع الفائت تراجعت نسبيا".

ورأت الصحيفة ان "الوتيرة البطيئة" للاتصالات الاقليمية تدفع البعض الى عدم توقع "ولادة حكومة جديدة في غضون الاسابيع المقبلة، لا بل يضرب لها موعدا لشهرين مقبلين".

وفيما تلتزم الرياض الصمت التام حيال التقارب مع دمشق، تنفي الاخيرة تدخلها في الشؤون اللبنانية. في المقابل، يفصل المراقبون بين الانفتاح العربي والدولي على سوريا واستعادة دمشق لنفوذها في لبنان.

ويرى الامين العام لقوى 14 آذار فارس سعيد ان "التقارب السعودي السوري مرتبط بمعادلة تقوم على فك عزلة سوريا عربيا مقابل فك سوريا ارتباطها مع ايران".

وقال لوكالة فرانس برس ان سوريا "على طريقتها تحاول ان تأخذ اكثر"، مشيرا الى انها عرضت خلال الاتصالات الجارية معها "استضافة مؤتمر لبناني-لبناني لتبدو انها راعية لمصالحة لبنانية"، كما اقترحت "ان يزورها الحريري".

وشدد سعيد على ان المطلوب ليس مصالحة لبنانية برعاية سورية انما "تصحيح العلاقات اللبنانية السورية على قاعدة واضحة: اقصى التعاون والتنسيق مقابل اقصى الاحترام للسيادة والاستقلال".

واضاف ان الانفتاح الاميركي والسعودي على سوريا لا يعني بتاتا "عودة النفوذ السوري"، متهما "افرقاء لبنانيين بمحاولة اعادة هذا النفوذ من خلال توليهم النطق باسم سوريا".

واكدت اوساط الحريري مرارا ان الحكومة ستكون صناعة لبنانية وان زيارة محتملة الى دمشق ستكون على اساس جدول اعمال واضح مخصص لبحث الملفات العالقة بين البلدين.

وانسحب الجيش السوري من لبنان في نيسان/ابريل 2005 بعد ثلاثة عقود من وجود عسكري وهيمنة على القرار السياسي لا سيما خلال السنوات الخمس عشرة الاخيرة.

ونفى وزير الخارجية السوري وليد المعلم الثلاثاء تدخل بلاده "في تشكيل الحكومة"، مشيرا الى ان الاتصالات مع السعودية تناولت اوضاعا اقليمية بالاضافة الى لبنان، وان العلاقات اللبنانية السورية "لا تمر عبر طرف ثالث".

وقال النائب في حزب الله علي فياض لفرانس برس ان "سوريا ابلغت المعنيين ان من يقرر عن المعارضة في لبنان هي المعارضة نفسها وان سوريا ليست في وارد الانجرار الى التفاصيل اللبنانية مجددا وليست في صدد ان تقرر بدلا عن حلفائها".

وشدد فياض على ضرورة عودة العلاقات اللبنانية السورية الى طبيعتها، معتبرا ان هذا الموضوع "يجب ان يشكل موضوعا قائما بذاته، وهو حاجة راهنة وملحة ويجب الا يخضع للتاجيل والا يرتهن لاي ملفات اخرى".

وقال "المبادرة الى تصحيح العلاقات اللبنانية السورية مطلوبة لتصحيح خلل قائم وبهدف الوصول في العلاقات الى الاستقرار والتفاهم الذي يخدم البلدين".

ويعتبر بول سالم ان "سوريا اليوم غير سوريا منذ خمس او عشر سنوات"، وانها غير مهتمة ب"العودة الى ما كانت عليه والسيطرة على لبنان والامساك باوراق فيه".

ويرى ان هدف سوريا حاليا "ان ترسم لنفسها مستقبلا في المنطقة وعلاقات (…) تؤمن لها امنها بشكل اساسي ومستقبل النظام والاقتصاد".

ويدرج سالم "استشارة سوريا ضمن نفوذ الامر الواقع" ويقول ان "حدود هذه الاستشارة تتوقف على الاطراف اللبنانيين انفسهم".

المصدر : AFP