انهارت أشد الأنظمة إطباقا مثل بيت من الورق. تداعت ثورة الخمير الحمر في كامبوديا برغم قتل ثلاثة ملايين إنسان. وسقط نظام تشاوشيسكو في رومانيا عندما تحول المتظاهرون من الهاتف لمجده إلى الهتاف لسقوطه. وكانت عدالة صدام حسين قد سلمت مصير صهريه إلى «حكم العشيرة» فإذا به يسقط في ثقوب النظام التي تحولت إلى مسارب.
جميع الأنظمة المطلقة رفعت صوتها ضد التدخل الخارجي في شؤونها. وجميعها كانت تعتقد أن أبوابها مغلقة جيدا ونوافذها مطبقة. وجميع هذه الأنظمة كانت ترفض أن يتدخل أحد في أمورها وتعطي لنفسها حق التدخل في كل مكان. لم تترك إيران أحمدي نجاد مكانا لم تتدخل فيه، بدءا أو انتهاء، بجزر القمر. وامتدت يدها إلى النظام العربي تريد تغييره، إما بالاستقطاب أو بالعداء.
وعلت أصوات رسمية إيرانية تعلن البحرين جزءا من البلاد. وأعلن نجاد قبيل الانتخابات اللبنانية أن «فوز المعارضة سوف يغير شكل المنطقة». ولم يترك خالد مشعل خلال زيارته الصاخبة إلى طهران، أي شك في مدى تدخل إيران في العلاقات الفلسطينية.
لذلك بدا صراخ النظام الإيراني ضد التدخل في شؤونه صوتا مألوفا من أصوات الماضي: الثورة التي تريد حضور قمة الدول الخليجية المحافظة في قطر لكي تلقنها درسا في أصول القومية العربية وأصول الإسلام، ثم تغلق مكتب فضائية عربية ـ وجميع المكاتب الأخرى ـ لأنها نقلت، ولم تخترع، صورا حية للشعب الإيراني.
إذا سلمنا بأن الانتخابات الإيرانية نزيهة تماما، فهل يعقل أن يكون 30% من الناس قد اقترعوا بوحي خارجي؟ وهل يعقل أن التدخل الخارجي وبريطانيا والـ«بي بي سي» استطاع أن يجمع مليون إنسان في شوارع طهران؟ إن أفضل وأضمن وسيلة لمنع التدخل الخارجي هو التوقف عن العبث بشؤون الآخرين.