يعتقد "حزب الله" استناداً الى قيادي بارز فيه ان الحلف الرباعي الذي خاض بنجاح الانتخابات النيابية عام 2005، كان انتخابياً فقط ولم يرقَ الى مرتبة التحالف السياسي. وهذا أمر رددته مرات قيادة الحزب ولم يبادر أحد من حلفائه الانتخابيين هؤلاء الى نفيه. اما منطلق التحالف الانتخابي فكان الآتي: امتناع حلفاء الحزب من فريق 14 آذار عن "المساس" به وبمسلماته ومواقعه وامكاناته بما في ذلك سلاحه. وامتناع الحزب عن "المساس" بهم. وكان المنطلق ايضاً انتظار التطورات والظروف في المنطقة وطريقة تفاعلها مع تناقض المواقف الاقليمية والدولية في اجواء هادئة بالحد الأدنى لأن لبنان لا يحتمل استمرار اجواء عدم الاستقرار تلافياً لتحولها فتنة بين ليلة وضحاها.
ويعتقد "حزب الله" ايضاً ودائماً استناداً الى القيادي البارز فيه انه ليس في حاجة الى "التيار الوطني الحر" الذي يتزعمه العماد ميشال عون. لكنه يقر بأن تحالفه معه أعطاه حيّزاً أوسع وقدرة اكبر على العمل والفعل السياسيين وخصوصاً على صعيد الداخل. ويعتقد في الوقت نفسه ان "التيار الوطني الحر" ليس في حاجة اليه. لكن تحالف الحزب معه اعطاه بدوره حيزاً أوسع بل قدرة اكبر على العمل والفعل السياسيين وخصوصاً على صعيد الداخل.
ويؤكد "حزب الله" ثالثاً واستناداً الى القيادي البارز نفسه انه سيستمر في الحديث عن الثلث الضامن (المعطل) في الحكومة والسعي الى تطبيقه باعتبار انه واثق من الفوز في الانتخابات النيابية أو على الاقل من تحقيق التعادل فيها مع أخصامه. لكنه يلاحظ في الوقت نفسه ان حليفه "التيار الوطني الحر" لم يأت على ذكر هذا الأمر حتى الآن (هذا الكلام كان قبل حصول الانتخابات).
ويؤكد الحزب رابعاً ان اسرائيل واميركا وخصوصاً مراكز الابحاث في الدولتين تعتقد ان الحرب المذهبية في لبنان مفيدة لهما. علماً ان بعض هذه المراكز يقول ان هذه الحرب ستكون بين العرب والفرس وليس بين السنة والشيعة ربما لإضفاء شيء من الرصانة على موقفه. لكن هذا البعض يعرف ان الحرب في حال نشوبها ستكون سنية – شيعية. وهو يتمناها كذلك. ويؤكد الحزب خامساً ان ليس هناك صراع بين السنة والشيعة في لبنان. لم يكن صراع كهذا موجوداً فيه في السابق. وهو ليس موجوداً الآن رغم الحساسيات التي ظهرت في السنوات الاخيرة على الاقل حياله وجمهوره.
هذه الاعتقادات والتأكيدات التي تحدث عنها "حزب الله" استناداً الى قيادي بارز فيه علّق عليها متابع عتيق للوضع اللبناني بتشعباته الخارجية، قال: القول ان المذهبية (اسلامياً) لم تكن موجودة في السابق في لبنان غير صحيح. كانت موجودة ولكن شبه نائمة. لم تحل دون التزاوج والعمل المشترك وحتى الانتماء السياسي والحزبي المشترك بين ابناء المذهبين السني والشيعي. لكن داخل البيوت كان يظهر اثناء الاحاديث ان الخلافات موجودة وان بغير الحدّة التي نراها اليوم. والقول ان المذهبية ليست موجودة عند الحزب والشيعة عموما الآن علماً انها قد تكون موجودة عند السنة ومن يمثلهم ليس في محله. حرر الحزب الجنوب من احتلال اسرائيل وهذا انجاز وطني سمح له بالتحدث وطنياً وبالممارسة وطنياً ومذهبياً في وقت واحد. وقد تكون دوافع هذه الممارسة حرمان سياسي وانمائي واقتصادي واجتماعي و…. عتيق. ويشير الواقع الحالي الى ان الحزب وحلفاءه شبه ممسكين بالدولة من خلال مرتكزات لهم داخل كل المؤسسات على تنوعها وهذا أمر سيبقى بثلث معطل او بدونه علماً ان الثلث المعطل ربما يمكّن الحزب من الإمساك الكامل بالدولة مع المحافظة على المظاهر الشكلية للتنوع فيها.
هل من رد على تعليق كهذا من "حزب الله"؟
نحن ربحنا، يرد الحزب. لا تنسَ ذلك. ودائماً استناداً الى القيادي البارز فيه. ولا نخجل بربحنا. ولكن نحن مستعدون اذا خسرت انت على الارض وفي السياسة (انتخابات) ان نتعاون معك وان نتحاور معك لنجعل شعورك بالخسارة اقل وشعور الحزب بالانتصار اقل. نحن مع المحافظة على كرامة السنة وكل اللبنانيين الآخرين. ويكون ذلك بتأليف حكومة وحدة وطنية تساعد اللبنانيين على انتظار تطورات الموقف الدولي والاقليمي وتحول دون عودة بلادهم ساحة من جديد للمواجهة بين اطراف الخارج كلهم. الى ذلك يعتبر الحزب ان الانتخابات مهمة "شو ما كانت النتائج". وليد جنبلاط سيكون في موقع آخر (هذا الكلام قبل لقائه الأمين لعام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله) في وسطية فعلية فيها تفاهم مع "الحزب". ان جنبلاط غير معلّب. الآخرون في 14 آذار وخصوصاً سمير جعجع وامين الجميل معلّبون. انه (اي جنبلاط) مطّاط ومتغير ويستشم في سرعة ويرى اتجاه الريح ويتكيف معها تلافياً لدفع الثمن. لكن وسطيته لن تكون الوسطية التي تحدث عنها البعض أي الوسطية التي تجمع جنبلاط والرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي واستطراداً رئيس الجمهورية. ويتذكر القيادي البارز في الحزب نفسه أمراً قيل انه حصل اثناء "إلباس" جنبلاط عباءة الزعامة بعد اغتيال والده ليؤكد "التقويم" المذكور له. والأمر هو ان احد كبار مشايخ الطائفة تقدم من جنبلاط وقال له: مش ضروري ان تعرف الآن من الذي قتل والدك.
هل تغير نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة في موقف "حزب الله"، أو تعدّل فيه؟
في هذه الانتخابات (أي في السياسة كما عرّفها القيادي البارز نفسه) خسر فريق الحزب في حين احتفظ هو بربحه الميداني لأن أحداً لم ينازعه اياه أو لا يستطيع منازعته اياه. فهل يتخلى عن بعض شروطه وفريقه مثل الثلث المعطل ويتمسك بالجوهر الذي هو السلاح؟ وهل يتساهل في اشراك الدولة في قرار السلم والحرب؟ لا احد يعرف جواباً عن ذلك. لكن اشارة الحزب اكثر من مرة الى انه ربح الانتخابات عند "جمهوره" والى ان 8 آذار ربح الانتخابات شعبياً لا توحي أن مسيرة تأليف الحكومة قد تكون سهلة وخصوصاً في ظل اقتناع البعض في الداخل والخارج ان ما يجري في ايران يفترض ان يحرج الحزب فيدفعه الى التساهل. وهذا اقتناع في غير محله لأن العارفين يؤكدون انه يدفعه الى التشدد. هذا اذا استمر.