I
هذا المقال ليس تحليلا، ولا احصاء، ولا استقراء. انه مقال الاحتفال باعادة الحق الى اصحابه ممن أمعن جنرال الرابية في القدح بهم واهانتهم والطعن في كراماتهم بخفة ونزق.
هذا سياسي لا يوفر احدا ولا يجل مقاما، من رئاسة الجمهورية الى صرح بكركي، الى نواب 14 آذار المسيحيين، الى جمهورهم، الى اهل الاشرفية، الى قيادات السنّة، الى حلفائه السابقين، الى الصحافة عموما، الى صحيفة "النهار" خصوصا، الى نايلة تويني تحديدا، ساخرا من الجميع، متعاليا على الجميع، سليط اللسان مع الجميع.
وعففنا عن الرد، وتعالينا عن السهام، والتزمنا آداب المخاطبة، فلم يرعوِ، ولم يرتدع. ولا ندت منه اشارة ندم او اعتذار.
… حتى قالت صناديق الاقتراع قولها فيه: ما عاد الطاووس طاووسا، وجل الناس ارتفعت الغشاوة عن ابصارهم. الاشرفية قالت بأفصح لسان، وزحلة والبترون، اما مواطن فوزه (جبيل وبعبدا) فيسأل عنها جمهور غير مسيحي.
لا نقول انه بات عديم الشعبية، او فاقدا قدرته التمثيلية لجمهور واسع، لكن ادعاءاته افتضحت، ليس ناطقا باسم نصارى لبنان او الشرق، بل سياسي من ساسة الموارنة، مخلوعة عنه عباءة الزعامة التي تدثر بها، وتاجر لها، وركب صهوتها.
كان بالونا يحتاج الى دبوس، فجاءته الدبابيس من الف صندوقة وصندوقة.
هل ادرك ذلك؟
لا يعنيني الامر، ولا اراهن على تبدل لديه او لدى خلصائه. فليبق ما هو.
ما يعنيني فقط ان الكرامات قد استعيدت، وان ثمة عيونا باتت بصيرة…
II
رغم الاخطاء الغزيرة لقادة 14 آذار، ورغم التخبط في تحالفاتهم ومعاركهم الانتخابية، اعاد الجمهور الاستقلالي محض ثقته لانتفاضة الاستقلال نفسها، غافرا الخطايا والسقطات، رافضا ان يختار وجهة مناقضة.
هذه رسالة تنتظر ان يلتقطها المعنيون لتشكيل كتلة برلمانية فاعلة، منتجة، ذات همّ اقتصادي ومعيشي. فالبطون الخاوية لا تشبع من الموقف السيادي الذي يطعمها كرامة، لا خبزا.
III
رغم انتصار 14 آذار، يجب ان نتذكر ان نصف اللبنانيين في المقلب الآخر، وان المعارضة ذات حضور شعبي كاسح، خصوصا في الوسط الشيعي.
يجب ان نتذكر ان الانقسام المذهبي القائم ازداد حدة، وان لا مستقبل للبنان ان بقي مشطورا على هذه الصورة، ومرهونا بقرار دولي او اقليمي يشعل ارضه او يطفئها.
من غير صياغة مشروع استقلالي، يحضر فيه الشيعة حضورا اساسيا، سنبقى على فوهة بركان.
IV
في الاسابيع الاخيرة قبل الانتخابات، ضجت وسائل الاعلام باحصاءات واستفتاءات رأي خرجت من "مراكز ابحاث واحصاء واستشارات" ذهبت جميعها الى تأكيد فوز المعارضة: بعضهم تبرع على شاشات التلفزيون بالتأكيد ان الفارق سيتجاوز 6 – 7 مقاعد، وبعضهم الآخر "تواضع" قليلا، فمنح المعارضة ارجحية مقعدين (65 – 63).
ليت هؤلاء يعتذرون، او يصومون عن الكلام، حتى ينسى الناس ادعاءاتهم التي صاغوها بلهجة الانبياء…
V
ليس باعثا على المسرة ان يلتئم مجلس النواب قريبا، في غياب نسيب لحود وسمير فرنجيه وفارس سعيد وباسم السبع ومصباح الاحدب.
لهم جميعا تحية المحبة والاعتراف ان حضورهم في مجلس النواب وخارجه لم يكن عابرا… على رجاء ان يبقى.