الطاشناق لم يصلب المسيح ؟! – راجح الخوري – النهار

لم يصلب حزب الطاشناق الأرمني مسيح حلفائه في 8 آذار. ولم يقصر في دق كل المسامير التي يملكها في ايدي جماعة 14 آذار، لاسباب لا تخفى على احد، وتتصل بحسابات الانتشار الارمني في المنطقة وضماناته الضرورية، اكثر من اتصالها بحسابات الوجود الارمني في لبنان كجزء اصيل من النسيج الوطني اللبناني.
طبعا، هذه مسألة اخرى غير الانتخابات، تحتاج عمليا الى نقاش طويل وعميق، على الاقل لان الانتشار الارمني اقليميا هو جزء من الانتشار المسيحي اقليميا، وكلاهما الى انحسار ويا للاسف.
وفي عودة الى مسألة "صلب المسيح"، لم يكن عدلا ولا منطقا ولا وفاء اتهام قوى المعارضة الارمن في حزب الطاشناق بالتقصير. هذه الاتهامات تجاوزت الوشوشات الى ما يوازي السخط والغضب الساطع عند بعض الذين افترضوا زورا وظلما ان على الحزب دفع "الجزية" اصواتا في صناديق المعارضة، وهو ما فعلوه عمليا!

❐ ❐ ❐
عمليا واخلاقيا، من حق الطاشناق ان يحصلوا على الشكر والامتنان من الناجحين في المتن كما من الخاسرين في دائرتي بيروت الاولى وزحله، لان من غير اللائق تحميل هذا الحزب مسؤولية بعض النتائج التي لم تعجب حلفاءه في هذه المناطق تحديدا.
ولعل ما يثير المرارة في اوساط الطاشناق ان المسؤولين فيه دأبوا قبل الانتخابات على تنبيه حلفائهم الى ضرورة التزام الواقعية وعدم التضخيم و"توهيم" الارقام والتوقعات والاعداد، لأي ارقام جديدة تكون قد اضيفت بطبيعة النمو الى لوائح القيد، والى الإعداد الدؤوب والمثابر الذي تقوم به ماكينات الاكثرية في كل المناطق.
وبرغم كل هذا يحاول البعض تحميل حزب الطاشناق مسؤولية "التقصير"(!) رغم انه لولا اصوات الحزب في دائرة المتن، لكانت صحَّت نظرية الرئيس ميشال المر حول سبعة على سبعة، التي انتهت رسميا الى اثنين على سبعة.




❐ ❐ ❐
في قراءة اولية في الارقام، لا تتوانى اوساط الطاشناق عن القول:
* اولا: ان الحزب وضع 10500 صوت في صناديق المتن الشمالي لمصلحة  لائحة الجنرال ميشال عون من اصل 13300 مقترع عنده.
* ثانيا: ان الطاشناق صب خمسة آلاف صوت لمصلحة لائحة عون في الدائرة الاولى من 6800 صوت عنده.
* ثالثا: انه اعطى اللائحة المدعومة من عون في زحلة 2250 صوتا من اصل 3200 صوت.
ويكاد "المغني" الارمني الآن ان يرد على الانتقادات والوشوشات والاتهامات غير العادلة على طريقة ام كلثوم: انني اعطيت ما استبقيت شيئا".
ولكن ماذا نفعل اذا كانت نسبة السبعين في المئة من تمثيل عون للمسيحيين، كما سمعنا على امتداد اربعة اعوام، قد تبخرت مثل بخور او ذابت كما يذوب الشمع… وماذا في وسع القديس فارطان ان يفعل في النهاية لمن لا يحفظ ابانا والسلام؟
وعندما يقال ان نسبة 42 في المئة من المسيحيين وقفت مع عون، يجب ان يتنبه الجميع الى ان الارمن هم من ضمن هذه النسبة، بما يجعلها عمليا دون 40 في المئة رغم ان الطاشناق في الاصل والواقع مسيحيون لبنانيون أقحاح، وان تكن حساباتهم الانتخابية تقوم على اساس الحرص على استقرار الانتشار الارمني وراحته في المنطقة وهذا امر مفهوم ومحترم ايضا.
اذاً، هل يمكن القول ان البطريركية السياسية للمسيحيين تبخرت هي ايضا، ولم يعد ينقصها غير اعلان كل النتائج والارقام رسميا رقما برقم، لكي نقرأ الرقيم البطريركي على نية ما تبخّر؟!

❐ ❐ ❐
كان من اوائل زوار الفجر ايضا وايضا، صعود تلك العائلة مضمّخة بالطيب واكاليل الورد والوفاء الى ضريح الرئيس الشهيد الذي سقط مثل وعد ساحر حتى قبل ان يمسك بالقرار، والذي انبثق مثل فجر طري لكنه لم يبلغ طلوع النهار وسطوع حقيقة الوطن – الحلم الذي رسمه في اذهان اللبنانيين كأسطورة على مدى 23 يوما فقط.
بشير الجميل، الفارس الذي ترجل باكرا جدا، وقد وقف عند الضريح مع فجر اول من امس مستقبلا ولده نديم يقدم اليه انتصاره الباهر في الانتخابات والى جانبه الوالدة صولانج والاخت المجروحة القلب يمنى، ورهط من الاصدقاء الاوفياء الذين صعدوا درب الامانة ليهتفوا:
صباح الخير يا باش، مبروك يا باش!